3١ عاما من ورم الإخوانجية الخبيث في بلادنا
- محمد القيرعي الأثنين , 27 سـبـتـمـبـر , 2021 الساعة 8:25:55 PM
- 0 تعليقات
محمد القيرعي / لا ميديا -
طبعا، جميعكم على دراية بالمثل الشعبي العربي القائل: "إذا لم تستحِ فافعل ما شئت"، وهو المثل الذي جسدته بجلاء قيادات وقواعد حزب الإصلاح، الذين احتفوا منتصف أيلول/ سبتمبر الحالي بالذكرى الـ31 لتأسيس حزبهم السياسي والأيديولوجي المشؤوم.
لقد كان احتفالا إخوانجيا يشبه إلى حد بعيد احتفال طاغية روما القديمة الإمبراطور نيرون (في العام 64 قبل الميلاد) الذي وبعد قيامه بالتخلص من والدته (اغربينيا) باغتيالها، أخذ يعزف على فيثارته بهدوء وهو يراقب ألسنة اللهب المتصاعدة من أحياء عاصمته روما بعد أن قام بإحراقها بالكامل بصورة أسفر عنها تدمير ثلثي المدينة على الأقل بشكل كلي.
المفارقة هنا تكمن في أن الإمبراطور نيرون كان قد فعلها لمرة واحدة فقط ثم انتحر، فيما جهابذة حزب الإصلاح يفعلونها كل يوم عبر الفوضى والخراب والمآسي التي يخلفونها وراءهم كل يوم على امتداد تاريخهم الوجودي.
فعلى مدى ثلاثة عقود ونيف منذ تأسيسه رسميا فإن الإمعان بموضوعية فاحصة للتاريخ الوجودي والسياسي والحركي لحزب الإصلاح سيتيح لنا ولا شك إدراك المدى الكارثي الذي بلغته بلادنا جراء نهجه التآمري المطلق وسياساته التخريبية الدموية التي طالت كل مناحي الحياة القومية والإنسانية لشعبنا وبلادنا بصورة لا يمكن دحضها أو تخطي آثارها على المدى الزمني الطويل.
فمع تشكل بذوره التكوينية الأولى بصيغته الحركية الحالية في منتصف سبتمبر 1990، أي بعد ثلاثة أشهر ونيف فقط من قيام دولة الوحدة، فقدت العملية الوحدوية سلامها الداخلي والوطني وهويتها الحضارية والمدنية والديمقراطية، جراء المسار التآمري والتفكيكي المطلق الذي انتهجته قيادات حزب الإصلاح بالاعتماد من ناحية أولى على تحالفاتها المبطنة مع نظام صالح، الشريك الشمالي في الوحدة، ومن ناحية أخرى على حجم الإمكانيات المادية والإعلامية والمليشياوية واللوجستية الهائلة التي اكتسبتها القيادات الإخوانجية قبلا، إما عبر شراكتها غير المعلنة من ناحية أولى في إدارة نظام صالح في الشمال خلال حقبة ما قبل الوحدة وإما من خلال عمالتها المعروفة وتبعيتها المطلقة للإمبريالية الأمريكية والخليجية إبان الصراع الأيديولوجي الذي ساد آنذاك علاقات المنظومة الدولية ما بين الشرق والغرب قبل انهيار الاتحاد السوفييتي.
ولذلك، فقد كان من أولى مهام حزب التجمع اليمني للإصلاح عقب إعلان تأسيسه في الـ13 من سبتمبر 1990، المباشرة أولاً في تقويض سلام وتلاحم ودعائم العملية الوحدوية وخصوصا بين قطبيها الرئيسيين (الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام) وبوسائل شتى تنوعت ما بين استغلاله المبتذل للدين وللخطاب اللاهوتي بشكل معمق عموما لإنتاج الفوضى والدمار والتفكك الاجتماعي بغية تحقيق مخططاته وأطماعه السياسية والحركية، أو عبر تطبيقه لأساليبه التقليدية والأكثر رواجا المتمثلة بتوجيه أدواته الدموية لتنفيذ الدور الموكل إليه، من بينها استخدام الجماعات الإرهابية لتنفيذ عمليات الاغتيال والتفجيرات المكثفة التي طالت قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي إبان المرحلة الانتقالية، وصولا إلى مرحلة الحرب الأهلية صيف عام 1994، والتي لعب فقهاء ومنظرو حزب الإصلاح -الذين ترعرعوا أساسا على فكرة الإيمان المطلق بالمبادئ التكفيرية- الدور الأبرز في إذكاء شرارتها الأولى عبر إفراطهم في إصدارهم الفتاوى الدينية وتوظيفهم الفاعل للشعارات اللاهوتية كشعاري "محاربة الردة الدينية"، و"وجوب الدفاع عن الإسلام والمسلمين"، إلى جانب الخطاب العشائري قبل وخلال فترة الحرب بصورة مكنتهم من حشد رجال القبائل والمليشيات الجهادية على غرار تنظيم الجهاد الإسلامي الذي يعد تقليديا الذراع العسكرية لإخونج اليمن، في الحرب التي أسفرت نتائجها عن إقصاء الشريك الجنوبي في الوحدة (الحزب الاشتراكي اليمني)، وإلحاق الجنوب برمته ضمن ديمغرافية الشمال.
ثم وفي السنوات التي تلت حرب صيف 94، وفيما كان الحزب الاشتراكي اليمني المغدور والنازف بشدة يقدم بقيادة الرفيقين الراحلين مقبل وجار الله عمر أنموذجا حضاريا ووطنيا فريدا من نوعه عبر محاولتهم الحثيثة ليس فحسب لتناسي كل جرائم ومؤامرات الإخوان بحق الحزب والبلاد، وإنما أيضاً لتخطي نزعة الثأر والقطيعة السياسية معهم، أي مع حزب الإصلاح، بغية الالتقاء معهم وبقية القوى والمكونات الوطنية الأخرى المعارضة على التأسيس لرؤية وطنية جديدة تعيد إرساء نوع من التوازن السياسي المفقود بفعل الحرب مع نظام صالح، وبما يسهم بشكل فعال في إعادة الروح والحيوية ولو بشكل جزئي للعملية المدنية والديمقراطية المغتصبة من قبل جنرالات الحرب، كان جلاوزة الإصلاح يستغلون هذا التسامح الحضاري المطلق من قبل ضحاياهم، بقدر استغلالهم الدراماتيكي للحاجات الوطنية الملحة، لتحقيق مصالحهم الحركية على حساب المصلحة الوطنية العليا وبصورة لم يتوانوا من خلالها عن تصفية مهندس مشروع اللقاء المشترك ذاته الشهيد القائد المعلم جار الله عمر في سياق رغبتهم المتقدة بسجن كل التطلعات الحضارية الوطنية في بوتقة التركيبة العقلية الرجعية اللاهوتية لرموزه وزعاماته المتبلدة.
ثم نشبت الثورة الشبابية في فبراير 2011 ليتصدر حزب الإصلاح وكعادته قائمة لصوص ومغتصبي الثورة الشبابية، الأمر الذي مكنه ليس فحسب من الهيمنة على حكومة "الوفاق" برئاسة المعتوه باسندوة، وعلى نظام الافندم هادي الذي أعقب حقبة الرئيس صالح، بل وليقدموا من خلال هيمنتهم الوليدة تلك من رحم الثورة الشبابية أسوأ نماذج الحكم والإدارة والعمالة الخارجية والحكم القمعي واللصوصي المشاع بالصورة التي مهدت الطريق لسقوطهم المخزي تحت أقدام الثورة الجماهيرية الوليدة في الـ21 من أيلول/ سبتمبر 2014.
اليوم، وكعادته أيضاً، يتصدر حزب الإصلاح قائمة عملاء ومرتزقة تحالف العدوان الغاشم ضد شعبنا وبلادنا. فمن دعواته المبكرة السابقة للعدوان ووجوب التدخل العسكري الأجنبي في بلادنا إلى تنظيره الواسع لشرعنة العدوان والحصار الجائر الذي يستهدف حياة اليمنيين، كل اليمنيين طبعا، عبر تقديم قادته ومنظريه شتى الذرائع والفتاوى والتفسيرات الدينية، إلى إسهامه الحربي الفاعل في توسيع رقعة الحرب على الصعيد الداخلي من خلال تجييشه المستمر للمرتزقة والجهاديين ورجال القبائل والزج بهم في جبهات القتال المتعددة، وصولا، في نهاية المطاف، إلى النموذج اللصوصي والإجرامي الأسوأ على الإطلاق والذي يحكم اليوم طرق إدارتهم للشؤون العامة للمجتمعات المحلية في شتى المناطق والمديريات المسيطر عليها من قبل مليشياتهم البربرية وعلى رأسها تعز المحتلة والمثخنة بجرائم الإخوانج، حيث الجريمة الرسمية والمنظمة باتت هي العنوان الأبرز الذي يميز حكمهم وباتوا يتصدرون على ضوئه قائمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم المرتكبة عموما ضد الإنسانية في سجلات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية المعنية بالشأن الإنساني.
إذن، وعلى ضوء هذه الحقائق، فإن السؤال البديهي الذي ينشأ في هذه الحالة يتمحور ربما وبدرجة أساسية حول: ما الذي تبقى من ماضي هذه الأمة وحاضرها ومستقبلها لكي يتغنى به الإخوانج فيما الدماء النازفة بسببهم تنزف دون توقف من أقصى اليمن إلى أقصاه؟!
الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.
المصدر محمد القيرعي
زيارة جميع مقالات: محمد القيرعي