محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
يكذب من يزعم أن دماء سيد الشهداء ستنبت آلاف نصر الله.. أو من سيزعم أن بدائل نصر الله موجودون بالكيلو في حراج السياسة اللبنانية والعربية والقومية.
صحيح أن كل مؤمن بما استشهد في سبيله نصر الله هو مشروع قائد ثوري، لكنهم ليسوا جميعا على شاكلة حسن نصر الله، لأن نصر الله اتسم بالكمال الثوري الذي لا يضاهيه أحد.
نصر الله اتسم بالكمال الثوري الذي لا يضاهيه أحد
كان رحمه الله قائدا ملهما ملما ومحنكا وجسورا وذا رؤية وبصيرة نافذة وشخصية كارزمية... صفات اجتمعت كلها في شخصه، ما منحه القدرة والثبات على تحويل سكينة الصهاينة -لما يربو على ثلاثة عقود كاملة- إلى ما يشبه الكابوس اليومي الذي لا فكاك منه.
فمن غير نصر الله كان محررا لجنوب بلاده المسلوب؟! ومن غير نصر الله كان مقوضا لسكينة الصهاينة؟! ومن غير نصر الله وقف سدا منيعا في وجوه عملاء وطوابير المطبعين؟! ومن غير نصر الله عاش مساندا لكل من يتوق للانعتاق من براثن التسلط والاستبداد داخل لبنان وخارجه وفي محيطه العربي والإقليمي.
رحل نصر الله! لكنني أثق تماما بأن إرثه وروحه لن تغادر جوانحنا البتة، فرجل وقائد مثله امتلك ذلك الوقار الكافي لتقديم نفسه كأضحية في محراب الحرية بعد أن ألهم أجيالا عدة قدسية الكفاح التحرري لا يمكن بأي حال تعويضه أو هجره أو نسيانه.
وإن كان الأمر الذي يؤرقني حاليا ويقض مضجعي لا يكمن في استشهاد الرجل؛ لأن أمرا هكذا يعد بديهيا ومتوقعا بالتأكيد لمن هم على شاكلته ممن نذروا بسخاء أرواحهم وأنفسهم للفداء والتضحية الطوعية في مضمار الكفاح التحرري، بقدر ما يكمن في طبيعة الحال بحجم وتأثير التبعات المترتبة على رحيله الذي داهمنا بغتة.
كون الفراغ الذي سيخلفه الرجل سيكون فراغا هائلا وكبيرا وغير محمود في بعض جوانبه بالتأكيد، سواء على مستوى لحمة وتماسك حزبه الداخلية كقطب محوري ومؤثر في طابور المقاومة أو على صعيد لبنان والمنطقة ككل، ما يفرض جملة من التساؤلات الملحة حول مصير ومستقبل المشروع القومي الاستراتيجي المعد لمواجهة الكيان الصهيوني وعملائه، كون الشهيد يعد أحد أبرز أقطاب المشروع الرئيسيين.
ما يجعل السؤال المطروح حاليا متمثلا حول ما إذا كان خلفاؤه في الحزب وفي المشروع الكفاحي وباقي المعنيين بقضية العرب والمسلمين المصيرية سيتسمون يا ترى بالقدر ذاته من الحكمة والوقار والاستعداد الذاتي للتضحية التي اتسم بها الشهيد، ليتمكنوا على الأقل من الحفاظ على إرثه ومشروعه الكفاحي، وصون مبادئه وقيمه التحررية، والثأر لدمائه الطاهرة، وحتى لا تذهب دماؤه ودماء رفاقه مثل الحاج كركي وغيره هباء.

أترك تعليقاً

التعليقات