محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
يوم أمس الجمعة شيع مئات الآلاف من الفلسطينيين وعشرات الدبلوماسيين العرب والأجانب ووسائل الإعلام الدولية جثمان الصحفية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، في مشهد وطني فلسطيني نادر ومهيب يعكس عظمة القضية التي ناضلت وضحت الشهيدة في سبيلها. في الوقت واليوم ذاته كان “عزرائيل” قد حل ضيفا في أبوظبي لقبض روح بعبع الإمارات خليفة بن زايد الذي رحل عن عالمنا مشيعا بالعار واللعنات والإرث التآمري النجس.
الملايين في فلسطين والعالم نعت وبكت وزغردت حزنا وكمدا على رحيل شهيدة الكلمة والقضية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، فيما زغردت الملايين أيضا، وخصوصاً في العالمين العربي والإسلامي (باستثناء بينيت وشلته)، فرحا برحيل مهرج أبوظبي الذي أراد عزرائيل ربما من خلال انتقائه لخليفة بن زايد في هذا اليوم بالذات إظهار الفارق الحقيقي ما بين المؤمنين الحقيقيين بقضايا التحرر والعروبة والكرامة والحقوق المستلبة، وما بين الأوباش والمتآمرين والدخلاء على شعوبهم وأمتهم من أنصاف الرجال والعروبة.
شيرين صحفية فلسطينية قضت نصف عمرها على الأقل في حمل وتسويق هموم وقضايا شعبها العربي الفلسطيني، وحتى في موتها واستشهادها أيضاً تحولت إلى رمز وطني جامع مزلزل لجبروت العدو من ناحية، وموحد من الناحية الأخرى لكافة فئات وطوائف شعبها الفلسطيني في الداخل والخارج، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة...
أما راحل الإمارات -غير المأسوف عليه- خليفة بن زايد فقضى جل عمره في تفتيت أوصال الأمتين العربية والإسلامية، من خلال بذر بذور الفتنة والفوضى والحروب الأهلية والنعرات التي باتت تسمم شعوبها ومجتمعاتها، بفضل دولارات النفط الإماراتي، كما هو الحال في اليمن وليبيا وتونس والسودان ومصر والبحرين وغيرها.
الشهيدة شيرين قضت جل حياتها في مقارعة المحتلين الصهاينة بالصوت والكلمة والكاميرا، مزلزلة بذلك غيهم وجبروتهم، لدرجة أنهم لم يكتفوا فقط باغتيالها ووأد حياتها في محاولة يائسة لإخراس صوتها الذي تحول اليوم إلى أيقونة تحررية تلهب مشاعر الثوار في كل فلسطين وفي خارجها أيضاً، بقدر ما عمدوا في الوقت ذاته إلى محاولة اغتيالها معنويا مرة أخرى وفي يوم تشييع جثمانها الطاهر الذي تحول إلى مناسبة وطنية ملهمة من خلال محاولتهم إعاقة تشييعها بوسائل تنوعت ما بين منع تجمهر المشيعين بالقوة والاعتداء عليهم بالهراوات وقنابل الغاز والرصاص الحي والمطاطي، وما بين وضع الحواجز العسكرية والأمنية في الطرقات بهدف إخماد الروح الوطنية الوحدوية التي أوقدتها دماء شيرين المتناثرة على أطراف مخيم جنين حيث اغتيلت.
أما فقيد الإمارات الراحل خليفة بن زايد فقضى جل عمره في التآمر خفية وعلانية مع قتلة شيرين ذاتهم (الصهاينة) لتفتيت أي وحدة أو تناغم عربي وإسلامي محتمل، عبر مد العدو “الإسرائيلي” بكل أسباب القوة والاستمرارية والجبروت، حيث تعد الدولارات الإماراتية والسعودية والبحرينية من أهم الروافد الإيرادية التي تعتمد عليها اليوم حكومة “بينيت” في حربها المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته الدينية وضد الأمة العربية والإسلامية على وجه العموم.
خلاصة القول: إن الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي صدمت مشاهد اغتيالها البربري مشاعر العالم أجمع، شعوبا وحكومات ومنظمات ومجالس تشريعية وهيئات أممية ممن توالت بياناتها المنددة والمستنكرة، باستثناء دويلتي البحرين والإمارات، وشيرين التي تحمل مشيعوها أمس كل أشكال العسف والتنكيل وضرب الهراوات من قبل الصهاينة وهم يوارونها الثرى، تحولت اليوم لا كشهيدة فحسب في طابور القرابين الفلسطينية الطويل والذي لا ينتهي، بقدر ما حجزت مكانها بقوة واستبسال في الذاكرة الوطنية التحررية الجمعية للفلسطينيين ولأحرار العالم أجمع، ما سيبقيها حية وحاضرة على الدوام، على عكس بعبع الإمارات الراحل الذي قد يحظى ربما بصورة وحيدة وملونة في الهاتف المحمول لربيبه “بينيت”.

* الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات