همجية الخونج المستفحلة تطال كل مظاهر الحياة الإنسانية
- محمد القيرعي الأحد , 19 يـنـاير , 2025 الساعة 12:13:02 AM
- 0 تعليقات
محمد القيرعي / لا ميديا -
في نقطة عسكرية تابعة للأمن المركزي بمنطقة المركز (شماية) تقع على المدخل الشرقي لمنطقة بني شيبة، نصب طاغية المديرية، عبدالعزيز ردمان الشيباني، بعض مواليه المبندقين هناك والمدعومين بأفراد النقطة أيضا بغرض توسيع نطاق النهب القسري المشاعي، عبر فرض الجبايات المالية وغير القانونية أصلا على سائقي الشاحنات الكبيرة والمتوسطة، بما فيها "الدينات" العاملة تحديدا في مجال نقل مواد البناء (مثل النيس والكري والتراب والأحجار) والقادمة من المحاجر المتعددة المنتشرة في مناطق بني شيبة والبطنة والزعازع وما جاورها، وذلك بواقع عشرين ألف ريال للشاحنات الكبيرة ونصف هذا المبلغ على سيارات النقل المتوسطة (المعروفة بالدينات تحديدا) وتدفع نقدا وبشكل فوري وقسري تحت اسم "حق المدير العام"، وبدون سندات قبض رسمية أيضاً مقابل السماح لها بالمرور واستئناف سيرها.
والأمر ذاته بات شائعا ومكرسا كنهج لصوصي وبعنجهية مافيوية علنية ومقرفة في مجمل النقاط المتناثرة على مداخل ومخارج المديرية بتناثر أصحاب اللحي والسكسوكات المسربلة من العصابات الخونجية التي كوتنا المشيئة بمجونها الدموي والماضيوي، إلى حد أن أغلب سائقي شاحنات النقل المتوسطة والثقيلة بمديرية الشمايتين قرروا تعليق أعمالهم (وتجريش شاحناتهم) إلى أن تمنّ عليهم المشيئة بريح صرصر تخلصهم من وثنية الخونج ومن والاهم.
وهذا بديهي، إذا ما علمنا أن ثمن تخزينة القات المخصصة لهذا المدير العام المعتوه - ولوحده طبعاً ومن دون حاشيته- تكلف ما بين مائة وخمسين إلى مائتي ألف ريال بشكل يومي ثابت، خصوصا وأن مثل هذا النهب اللصوصي المنظم لأموال وعرق الناس والذي بلغ حد مقاسمتهم الفعلية والقسرية لقوت أطفالهم وعوائد دخلهم اليومية لا تقتصر فحسب على هذا القطاع بقدر ما تشمل كل فئات الأعمال المجتمعية من أصحاب المحال التجارية والمؤسسات المصرفية والمطاعم ومفارش الخضار والباعة الجائلين بالصورة التي سبق أن أوضحناها لقرائنا الكرام في مقالات سابقة لنا.
ولإيضاح البعد والمعيار الأساس للهمجية الخونجية المزدوجة، والتي لا تنحصر فحسب في شيوع ذلك المناخ المافيوي المتأصل كجزء من قاموسهم السلطوي، علاوة على متاجرتهم المفتوحة أيضا بحياة وأرواح الشباب ممن دفعوا بهم إلى أتون معاركهم الحربية الخاسرة أو أولئك الذين جندوهم لحروب الرياض العدوانية ضد بلادنا، والتي تحولت كظاهرة استغلالية إلى واحد من أبرز مصادر الإثراء الشخصي والفاحش للعديد من أمراء حروب عصابات حزب الإصلاح وجلاوزته، وصولا إلى إيغالهم في فرض أنماط جديدة ومستحدثة من أنماط الفيد والهبر اللصوصي المنظم الذي أرهقوا به كاهل مختلف القوى الجماهيرية المنهكة في الأرياف والحضر بدرجة لم يسلم منها حتى قاطنوا المناطق الأشد نائية وتخلفا، بالصورة التي يمكنني عرض بعض أوجهها القبيحة والمبتذلة من خلال استعراض إحدى الوقائع التي أورثتني نوعا من الأرق المستديم بسبب بعدها اللا أخلاقي والمؤلم بشكل مثير للغثيان والاشمئزاز معا.
فقبل أشهر عدة لا تتعدى السبعة أو الثمانية أشهر تقريبا فوجئت بمهمشتين مسنتين منهكتين من طفح الدهر والمشيئة والفقر والفاقة والقيم العنصرية المعززة حاليا باللوثة الخونجية، قدمتا إليّ من منطقتي الزعازع وراسن التابعتين لمديريتي الشمايتين، وتربطهما في الوقت ذاته قرابة أسرية، وهما تندبان حظهما لعدم قدرتهما على استحصال مستحقاتهما من إعاشات الضمان الاجتماعي الشحيحة والتي باتت تصرف بشكل موسمي أصلا، بسبب رفض مراكز الصرافة المخولة الصرف لهما بموجب بطاقتيهما الانتخابيتين الورقيتين القديمتين كما جرت العادة، حيث ظلتا يستلمان بموجبهما لسنوات عجاف مرت؛ بذريعة أن توجيهات سامية وملزمة صدرت بهذا الشأن من جلاوزة السلطة المحلية بالمديرية تنص على ضرورة أن يكون المستفيد أو المستفيدة حاصلا على بطاقة شخصية إلكترونية معدنية كشرط أساسي وقانوني لاستلام مستحقاته.
المهم وأمام هذا العائق كان لزاما على الضحيتين بيع الغالي والنفيس من ماعز وأقراط إن وجدت لتأمين تكاليف استخراج بطاقتين إلكترونيتين، والتي تبلغ كحد أدنى ما يقرب من ستين ألف ريال كتكاليف لاستخراج البطاقة الواحدة. فيما قمت أنا من جهتي بتكليف من يقوم من رجالي بتسيير إجراءات المعاملات الإدارية والإجرائية الخاصة بهما، والتي دامت نحو ثلاثة أسابيع طبعا قبل أن يظفران أخيرا ببطاقتين إلكترونيتين في سباق فعلي وعبثي مع الزمن بغية اللحاق بمستحقاتهما الإعاشية والتي لم يفلحا في نهاية المطاف باستلامها، لتجاوز المدة القانونية لاستلامها، حيث أبلغتا أن مستحقاتهما قد تم توريدها إلى إدارة الرعاية مجددا وعليهما انتظار موعد الصرف القادم (بعد ثلاثة أو اربعة أشهر قادمة) لاستلام مستحقاتهما الموردة والجديدة دفعة واحدة.
وبالطبع وحينما حان موعد الصرف القادم قبل نحو شهر من الآن تقريبا كانت الطامة الكبرى بالنسبة للضحيتين المهمشتين والمسنتين تكمن في انتهاء صلاحية بطاقتيهما الإلكترونيتين التقليديتين المستخرجتين طبعا وقبل أشهر معدودة وبشق الأنفس وبالطريقة ذاتها التي انتهت بها قبلا صلاحية بطائقتيهما الانتخابيتين الورقيتين القديمتين؛ إذ يتعين عليهما وفق القرارات والتوجيهات المعممة عن حكومة الارتزاق الخونجية العميلة استخراج ما يسمى بالبطاقة الذكية في زمن انعدم فيه الذكاء والوفاء والعظمة الذاتية، وتآكلت فيه المواطنة والوطنية إلى حد بات المواطن فيه مجرد سلعة يومية للارتزاق الذي تكتظ طوابيره الملتحية والمبندقة بصورة لا نهائية.
المصدر محمد القيرعي
زيارة جميع مقالات: محمد القيرعي