أمريكا تخسر حربها في اليمن
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
من السهل أن تعلن الحرب؛ لكن من الصعب أن تتحكم بمسارها، أو تحدد نتائجها. ونجاح الحروب لا يُقاس من خلال قوة الدولة التي تعلنها، ولا بمقدار ما تمتلكه من أسلحة ومال وجيش؛ ولكنها تُقاس بنتائجها، وقبل ذلك بعدالة قضيتها وبمبرراتها الأخلاقية وبمدى أحقيتها. وها هي أمريكا تعلن حربها العدوانية المباشرة الثانية على الشعب اليمني العظيم قبل شهر ونيف، لتضيف إلى مأزقها القيمي والأخلاقي مأزقاً مزدوجاً، من تلقي قطعها الحربية البحرية للضربات المتتالية وعدم قدرتها على حماية نفسها، إلى عجزها عن حماية كيان العدو «الإسرائيلي»، ولا أفق لحربها دون المقبرة.
لقد امتلكت أمريكا القدرة على إعلان حربها العدوانية المباشرة على الشعب اليمني العظيم، وكانت قد شنت قبلها حربين عجزت فيهما عن تحقيق أيّ من أهدافها المعلنة، وهي في هذه لا تمتلك القدرة على النصر أو الخروج منها إمبراطورية أو دولة عظمى محترمة ودون هزيمة. وبعون الله ستؤكد الأيام القادمة لأمريكا أن ما خرجت به من عدوانها في الـ26 من مارس 2015 عبر أدواتها التنفيذية الأعرابية، وعدوانها المباشر في ما يُسمى «تحالف الازدهار» بداية العام 2024، سيكون أقل وطأة عليها مما ستخرج به في عدوانها الحالي.
لقد بدأت أمريكا عدوانها الحالي مع إطلاق كمّ هائل من الحرب النفسية تهديداً ووعيداً وتهويلاً وتضليلاً... إلخ، وفشلت فشلاً ذريعاً في حربها النفسية، وهي بعون الله تفشل وتعجز تماماً عن تحقيق ولو جزء واحد في الألف من أي هدف أعلنته لحربها العدوانية، فبعد استهدافها للأعيان والمنشآت المدنية وصل بها حال اليأس والإحباط إلى استهداف مقابر الأموات بالصواريخ والقنابل، وربما أن ترامب قد قرأ مؤخراً أن اليمن مقبرة الغزاة فقرر استهداف المقابر فيها.
كان حرياً بأمريكا أن تدرك أن النصر في المعارك والحروب لا يُقاس بمقدار التصريحات الإعلامية أو العسكرية أو بمقدار التهديد والوعيد وكمية الشائعات، وإنما بمدى تحقيقه أهدافها المعلنة، وهذا ما لم تعُد تدركه أمريكا، نتيجة لخرفها وخريفها معاً. وما يعزز ذلك ويؤازره هو ما ينتاب حكامها في إدارتيها الحالية والسابقة من خوف شديد، خشية سقوطها الواقع، وهو خوف يعجل بسقوطها المادي كقوة ونفوذ وتأثير، بعد السقوط القيمي والأخلاقي منذ وقت مبكر.
كما فشلت أمريكا في حربها النفسية والناعمة والإعلامية ضد الشعب اليمني، وهي التي تمتلك أكبر الإمبراطوريات الإعلامية في العالم، ها هي اليوم تصفد قواتها وقطعها الحربية البحرية، ويتم ضرب حاملات طائراتها قبل وبعد فرارها لأبعد نقطة في البحرين الأحمر والعربي عن اليمن، ورغم هذا تأتيها الصواريخ والمسيّرات اليمنية في أماكن هروبها وتزاورها ليلاً ونهاراً، دون أن يتأثر نصيب كيان العدو «الإسرائيلي» من الصواريخ والمسيّرات اليمنية، بل يزداد كماً ونوعاً، وهو ما لم تستطع له أمريكا وقفاً ولا تخفيفاً، وبعون الله وفضله فإن أمريكا تخسر، وكيانها يقرب من زواله، والله غالب على أمره.

أترك تعليقاً

التعليقات