قمة الاستسلام لعدو الأمة!
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
لقد كان التعويل والرهان -ولا يزال- على أنظمة «سايكس بيكو»، مجتمعة أو فرادى، ضئيلاً من قبل الشعوب العربية، ناهيك عن أنه يكاد أن يكون اليوم معدوماً تماماً لدى معظم شعوب الأمة، وهذا الأمر قد تراكم من خلال سلوك ومواقف هذه الأنظمة على مدى ما يقرب من تسعين عاماً، خلال اجتماعاتها وقراراتها والبيانات الصادرة عنها، والتي تكتظ بالأقوال وتفتقر إلى الأفعال، بل إن هذه الأنظمة تعمل جاهدة لتخذيل شعوب الأمة وإحباطها ومحاولة إخضاعها لعدوها. أما بعد تطبيع كثير من هذه الأنظمة مع كيان العدو «الإسرائيلي» والصهيوأمريكي عموماً فإن هذه الأنظمة غدت عدواً لشعوبها.
وربما كل اجتماعات الأنظمة العربية في قممها السابقة كانت تتميز بشيء من المواربة وبشيء من عبارات الشجب أو الاستنكار، وهي العبارات التي خلت منها القمة الأخيرة التي عُقدت في العاصمة المصرية القاهرة، في أعقاب جرائم الإبادة الجماعية التي مارسها كيان العدو «الإسرائيلي» وبإشراف وقيادة أمريكية، وقد جاءت هذه القمة لتؤكد الانبطاح التام لهذه الأنظمة لكيان العدو والتبعية المطلقة للصهيوأمريكي. ولا أظن أن ما خرجت به اجتماعات هذه الأنظمة في القاهرة وبيانها المعلن عنه كان يحتاج لاجتماع تحت أي تسمية كانت.
إن هذه الأنظمة لم تكن بحاجة لأن تعلن أن السلام هو خيارها الاستراتيجي، وأنه ليس لديها أي خيار آخر، سواء للدفاع عن نفسها أو عن شعوبها، وأنها خانعة خاضعة مستسلمة للصهيوأمريكي، وإن اعتدى عليها وقتل شعوبها واحتل أراضيها ومقدساتها، وإن ضربها أو كسر ظهرها، وإن نهب مالها ونفطها وخيرات شعوبها؛ فهي، وبهذا البيان المخزي، لم تعد حتى طرفاً محايداً، بل أصبحت طرفاً تابعاً لعدو شعوبها وأداة طيعة بيده يوجهها كما يريد ويستخدمها كيفما يشاء، ولو ضد نفسها وضد شعوبها؛ وسلطة عباس أنموذجاً.
إن ما ورد في البيان الختامي للقمة يعتبر قمة الذل والخنوع والخضوع والاستسلام. لكن رغم ذلك فإن هذه الأنظمة لم تعد اليوم مقبولة لدى كيان العدو «الإسرائيلي» ورعاته الأمريكان والغرب عموماً، فالمطلوب من هده الأنظمة سقفه أعلى من كل ما سبق، فعليها أن تعلن الالتزام بمحاربة الشعب الفلسطيني ومقاومته بالحصار والتجويع، حتى تسليم سلاح المقاومة وإخراجها من فلسطين إن استطاعوا، وأن تحقق لكيان العدو الصهيوني بالضغط والحصار والاعتقال والتعذيب والتجويع ما لم يستطع هذا الكيان ومعه الصهيوأمريكي تحقيقه خلال خمسة عشر شهراً من جرائم الإبادة الجماعية.
إن هذه القمة المنفصلة عن الشعوب، والتي لها خيارات غير خيارات شعوبها، وإن خيارها الاستراتيجي وعلى المديات القريب والمتوسط والبعيد هو الاستسلام لعدوها وعدو شعوبها، وإن انعقادها هو أسوأ بكثير من عدمه، وهي التي ستعمل على مواجهة تهديدات ترامب بتهجير أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي هي مجرد تهديدات وذلك للعمل على التهجير الفعلي من خلال ما يسمى «التهجير الطوعي»، وتكثيف الضغط عليهم وحصارهم وتجويعهم، وبإبعاد هذه الأنظمة عن شعوبها لا تدرك بأن إرادة الشعوب أقوى منها، وأن المقاومة باقية ومستمرة حتى زوال الكيان. وما النصر إلا من عند الله.

أترك تعليقاً

التعليقات