تغيير وجه العدوان
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام
تغيير الوجوه لا يعني بالضرورة تغيير السلوك والسياسات، وإنما فشل السلوك والسياسات يتطلب بالضرورة تغيير الوجوه، وعليه فإن تغيير وجه ممثل العدوان من وجه عربي أعرابي يمثل مبعوثاً للوكيل الإقليمي للعدوان (الأدوات)، وهو ولد الشيك، إلى وجه جديد وهو المبعوث البريطاني (مارتن غريفتس)، والذي يمثل أصيل العدوان (الصهيوأنجلوسكسوني) الاستعمار بذاته، وعليه فلننظر هل تغير سلوك العدوان وسياساته تجاه اليمن؟ هل توقف القتل المباشر للأطفال والنساء؟ هل تم رفع الحصار القاتل للشعب اليمني؟ هل تم الإقرار بالشعب اليمني وحقوقه المشروعة بدءاً بحقه في العيش بحرية وكرامة واستقلال؟ 
ومادام أنه لم يتغير شيء، فهذا معناه أن العدوان هو العدوان، لم يغير في سلوكه، ولا في سياساته، ولا استراتيجياته، وإنما أرسل مبعوثه للتغطية على فشل أدواته من كياناته الوظيفية في المنطقة، وعجزها عن تحقيق أي من أهداف حربه العدوانية على الشعب اليمني خلال 3 أعوام مضت، ولمحاولة تقبل خسائره إن أمكن، ومحاولة الخروج من مأزقه الذي وضع نفسه فيه نتيجة عدوانه، والذي لم يكن يحسب له حساباً قبل هذا، وظنه أن يحاول أن يكسب بالمفاوضات ما لم يستطع أن يكسبه بالميدان، وهذا الذي لن يكون، لقد حضر الأصيل سياسياً بنفسه، وهو بالمناسبة لم يكن غائباً من قبل، ولكنه أطل بوجه مبعوثه ليقوم بتنفيذ مشروعه الاستعماري السابق الحالي، وإعادة رسم حدود أخرى لسلطنات جديدة في الجنوب والوسط هذه المرة، سلطنات ولكن بلون تحرري، ونكهة استقلالية مدعومة بالوسط (تعز) ومخزونها الديموغرافي، وموقعها الجيواستراتيجي (باب المندب)، وليتسنى له البقاء في الساحل باسم وبحجة أن السواحل اليمنية هي ممرات أو ممر دولي، وعلى العالم تحمل مسؤولياته في تحمل عبء وكلفة حماية تلك الممرات، وله أن يحصل على الجباية من العالم كله بصفته الحارس والحامي والساهر على رعاية مصالح العالم، وسيبقى آمناً إن استطاع أن يتقن اللعبة هذه المرة، ويجعل تلك السلطنات في الداخل متناحرة في ما بينها على أساس مناطقي أو حدودي أو سيادي، أو السياسة القديمة الحديثة (فرّق تسد)، وغيرها من سياسات التفرقة المطبوخة والمعدة لذلك، ولن تعدم الخرقاء علة. إن مجريات الحرب هي من فرض حضور الأصيل بعدما جرب بأدواته كل صنوف الحرب، الناعمة منها والخشنة، عله يتمكن من تغليب الناعمة ولذات الأهداف إن لم تكن أسوأ مثلما يرغب.
لا أحد ضد المفاوضات إن كانت جدية وندية، وبين طرفين هما الشعب اليمني المعتدى عليه بمن يمثله تمثيلاً حكومياً عبر خارجيته كطرف، وبين العدوان أصيلاً أو وكيلاً كطرف آخر، بعد وقف للعدوان ورفع كامل للحصار وتحمله المسؤولية عن عدوانه، أما الحوارات فهي شأن داخلي سيادي، وهي مرحب بها وبالمصالحة دون شروط، تحت سقف الوطن، والسيادة والاستقلال، ورفض العدوان والاستعمار ومواجهتهما، ولن ينكر يمني على يمني آخر انتماءه اليمني ومواطنته ما لم يختر هو غير ذلك.
يبدو أن العدوان بات يعوّل على نجاح وجهه الجديد، ويأمل من هذا التغيير الشكلي نجاحاً سيحدد على ضوء نتائجه (صفعة القرن) من عدمه، ولربما أدرك الأصيل أو هكذا يبدو أن أساس تغيير المنطقة من اليمن والشام معاً، وأنه إذا كانت نقطة ارتكازه الشام فإن محور الارتكاز اليمن، ويسعى جاهداً لعرقلة ذلك، ولذلك فإن التصرف الأخير للأصيل (الصهيوأنجلوسكسوني) ينبئ بالتالي: إما أنه ليس منسجماً مع بعضه، فالبريطاني يعين مبعوثه مارتن غريفتس، وتبعه الأمريكي بتقرير خبراء العدوان، والذي يفشله قبل أن يبدأ، وبالتالي إما أن الإتيان بهذا المبعوث الجديد من أجل إيجاد حل في اليمن، أو كذخيرة إضافية لإطالة العدوان وبأساليب جديدة، وهو الاحتمال الأكثر واقعية.
لقد فشل العدوان في الميدان، وفشل في السياسة، ويتجه باللاوعي إلى مزيد من الفشل على الأرض، وفي الجو، والسياسة، ونتيجة لتراكم ظلمه، وعظم جرائمه، فإنه يتجه نحو إنجاز هزيمته المستحقة كما نتجه نحو إنجاز نصرنا المستحق كأمة وشعب مظلوم يتعرض للقتل منذ 3 سنين، قال تعالى: (أذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) (الحج:39)، وقال تعالى: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) (الشورى:39)، وإن ما حدث، ويحدث للغازي الإماراتي، ومرتزقته في المخا - مفرق موزع، في الأسبوع الثالث من فبراير 2018م، لدليل على أن هذا المحتل يسلك الطريق الحتمية التي سلكها كل محتل قبله؛ طريق الهزيمة الحتمية.
التحية للشعب اليمني العظيم بجيشه ولجانه الشعبية.. الرحمة والخلود للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الخزي والعار للخونة والعملاء.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الهزيمة للعدوان أصيلاً، ووكلاء، وأحذية.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات