«ثورة» تدمير المقدرات
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
إن الثورة في أي مجتمع بمفهومها المتعارف عليه تعني تغيير الواقع الذي يعيشه المجتمع نحو الأفضل لا الأسوأ. ولن نذهب لتوصيف التغيير بأنه جذري وشامل، وهذا ما لم يتحقق في جل الثورات التي حدثت في العالم. وكما أن لكل ثورة محاسن فإنها لا تخلو من العيوب، وهذا لا يُفقدها مسمى "ثورة" مع التصويب وتغليب مبدأ التسامح. لذا نقول إن أي ثورة تحمل الثارات والحقد وروحية الانتقام فإنها تخرج عن مفهوم الثورة إلى الثأرية، ما بالك إذا توفر فيها أشياء في بنيتها وفكرها وعديدها من قبيل حملها لفكر دخيل على المجتمع سواء تكفيري أو طائفي... إلخ، وفي عديدها كم كبير من عناصر أجنبية لا تعبر عن الشعب وطموحاته؟!
ناهيك عن تعامل الثورة مع الشعب بما يفرق ولا يجمع، ووفقا للإثنية والطائفية والمذهبية والتكفير، فإنها تكون قد خرجت ليس عن مفهوم الثورة وإنما عن مفهوم السوية الإنسانية، وتعتبر في هذه الحالة عدوّاً للشعب وبمثابة قوة الاحتلال الخارجي للشعب والبلد، ويجب التعامل معها وفقا لذلك، بسبب أنها تناصب الشعب العداء. أما إذا ما فرطت بحرية الشعب وسيادته واستقلاله وقراره الوطني، وقبلت تدمير قواته ومقدراته، فإن هذه عصابة مجرمة ويجب أن يخرج عليها الشعب ويثور ضدها ويحاكمها محاكمة عادلة على إجرامها بحقه وبحق الوطن.
ثم إن ثورة تأتي رافعة للسلاح على رقاب الشعب وتأتي من أول أيامها لنبش القبور وإخراج الجثث والتمثيل بها وحرقها، وتذبح الأطفال والنساء بالسواطير، فإن هذه تمثل طامة كبرى وكارثة حقيقية على الشعب، وهي لن تعفي من تواطأ معها من الجيش والأمن وسلم سلاحه لها، بل سيكونون أول من تنصب لهم المشانق، وهذه هي على الدوام عاقبة من يفرط بوطنه وشعبه ممن حمله الشعب وقبل بتحمل مسؤولية الدفاع عن الشعب، وما مصير جنود جيش المختار على يد مصعب عنهم ببعيد، وإن كل ما حصل ويحصل في سورية منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ووصول مجاميع "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) كثورة مسلحة إلى دمشق ما هو إلا البداية.
وأخيرا، فإن "ثورة الجولاني" المتحول من "القاعدة" إلى تنظيم الدولة فجبهة النصرة وصولا لهيئة تحرير الشام والمتحول من "أبو محمد الجولاني" إلى "أحمد الشرع" مع اختلاف بلدان عناصرها التكفيرية وتعدد لغاتهم والمتعالج كثير منهم في كيان الاحتلال الصهيوني وكل ما فعلته وفعله الكيان بالتنسيق معها بسورية، حسب ما أفاد زعيمها، ليس سوى البداية، والأسوأ قادم والمتمثل بالحرب الأهلية وتقسيم سورية إلى أربع دويلات، حسب ما ورد في مخطط بيرنارد لويس 1980، تنفيذاً لمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، وهذه العصابة المسماة "ثورة" لن تعمّر طويلاً، وستبدأ المقاومة في سورية، وستفشل ثورة العصابات، وسينتصر الشعب السوري في نهاية المطاف، ولينصرن الله من ينصره.

أترك تعليقاً

التعليقات