يناير 2018 خريف الحراك
 

د. مهيوب الحسام

إن ما يحدث في عدن منذ 23 يناير 2018م ليس حرباً بين أجنحة الأدوات الإقليمية للاستعمار؛ شرعية، وانتقالي، ولا بين فرقاء مختلفين، وبأطماع وأجندات مختلفة، ولا صراعاً بين فصائل متناحرة، ولا حرباً على أساس أيديولوجي أو عرقي أو مذهبي أو طائفي... الخ، وليست حرب تحرير للأرض والعرض من دنس المحتل الغازي الاستعماري الأجنبي بأدواته الإقليمية، وهي ليست حرباً لاستعادة الدولة، ولا الجولة، وليست عمليات اقتتال أصلاً، وإنما هي عبارة عن عملية تباديل وتوافيق، وقوارح في الهواء لترتيبات، وعملية استلام وتسليم وهمي للأرض، وتبادل المواقع والمتاريس، وانسحابات متفق عليها مسبقاً بحسب توجيهات وكلاء العدوان الإقليميين، وتنفيذاً لتوجيهات وأوامر الأصيل الغربي (الأنجلوسكسوني)، إنها مجرد ترتيبات تستبق أية عملية مفاوضات قادمة، وتقوم بتسوية الملعب لذلك، ورسم حدود جديدة لأقلمة جديدة بحدود سلطنات لا أقاليم، وتثبيتها كأمر واقع، وهذه أولى بوادر أو ملامح المرحلة الجديدة من العدوان، مرحلة حرب المفاوضات، والمسندة للوجه الجديد (المختار الجديد) مبعوث بريطانيا (مارتن غريفنس)، وهذا ينبئ بما ستكون عليه هذه المرحلة من العدوان حسب ما يأمل، ومن خلاله يسعى للحصول على ما لم يستطع الحصول عليه بالحرب المباشرة، وبهذا فإن الاستعمار وأدواته تخطئ مرتين؛ مرة بالعدوان المباشر على شعب كالشعب اليمني قاتل العدوان، ومرة أخرى باستخدام القوة للاحتلال في القرن الـ21، والقيام بفرض تغيير ديموغرافي وجغرافي في ظل الاحتلال، ومحاولة شرعنته، ونسي أنه لا اعتبار قانوني لما يقوم به المحتل.
إن أحداث يناير 2018م التي يحركها المستعمر الغربي (أصيل العدوان) في عدن، هو من حيث يعلم أو لا يعلم، يعلن خريفه، وخريف الأطلسي، مترافقاً مع خريف الحراك الجنوبي وقضيته، مثلما أعلنت أحداث يناير 1986م خريف معسكر الشرق، وحلف وارسو، مترافقاً مع خريف اليسار، وهنا لا خوف على وحدة اليمن بعد هذا، ولو عدنا بالذاكرة قليلاً للخلف (أحداث يناير 1986م) التي كان من نتائجها الوحدة اليمنية في العام 1990م، وعليه فإن أحداث 13 يناير 86 اليسارية تكرر نفسها في 2018م، ولكن ذات اليمين هذه المرة.
إن الاحتلال (الصهيوأنجلوسكسوني)، وأدواته الإقليمية، هذه المرة لن يكون اليمن قاتلاً وقابراً لهم فحسب، بل على إثره ستسقط إمبراطوريات، وتزول أنظمة حكم، ويتغير ما يسمى النظام العالمي (الدولي) الفاجر، وسيتولد نظام عالمي حر جديد، والذي ستغلب فيه قوة الحق حق القوة، وسينتصر الحق على الباطل، وبأيادٍ يمنية خالصة لا تمتلك إلاّ قوة الحق، والشعب اليمني الأبي، وسينهزم حق القوة إلى غير رجعة.
وإذا كان ما يحصل في عدن اليوم من ترتيبات كجلسة متقدمة من جلسات المفاوضات، فإن المفاوضات تعلن فشلها بنفسها قبل أن تبدأ، ولنقرأ عليها الفاتحة بصوت مرتفع، فلا توجد قوة أقوى وأعظم من قوة الحق، مهما بلغت تلك القوة. يقول تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير) [الحج: 62]، ونفس الآية سورة لقمان (آية 30). إنها مواجهة بين الحق والباطل، سترسم حدود المنطقة والعالم لقرن كامل قادم، وسيتم تحرير العرب، وفلسطين السليبة، من اليمن، ومحور المقاومة، وإن جيوش الغزو الاستعماري من القاعدة ومشتقاتها، وداعش ومكوناتها، لابد أن ترحل مع الاستعمار من أرض العرب.
التحية والاحترام للشعب اليمني العظيم بجيشه ولجانه الشعبية وقيادته.. الرحمة والخلود للشهداء أنبل من فينا، وأطهر.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الخزي والعار للخونة.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الهزيمة للعدوان وأدواته.. النصر للشعب اليمني العظيم الصامد الصابر المحتسب.

أترك تعليقاً

التعليقات