الوطن.. نسخة بدل فاقد
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

في الجنوب اليمني هناك عنوان مهيمن وحيد لا ثاني له هو (الاحتلال المباشر)؛ وعلى مصاف عموم اليمن هناك عنوان كلي جامع يتضمن الأول ويفضي إليه هو (العدوان السعودي الأمريكي)..
ليس بمقدور شعبنا في الجنوب ولا بمقدور اليمنيين الشرفاء عموماً تخطِّي العنوانين الآنفين إلى ادعاء النضال لاستعادة دولة ما قبل 1990م ولا لبناء الدولة الوطنية العادلة المنشودة دون التردِّي في سديم العدم والعمالة وضياع اليمن شعباً وتراباً وتاريخاً ووجوداً.
إن النضال ووهمَ النضال والشرف واللاشرف، وصدق النوايا من عدمه إزاء حل المعضلات الوطنية والمظلوميات الشعبية المتراكمة. كل ذلك يتمظهر جلياً اليوم على محك الموقف من احتلال جنوبنا اليمني كنتاج لعدوان شامل يستهدف احتلال اليمن برمته من أقاصي (المهرة) إلى أقاصي (صعدة)..
لا يمكن لمن يُقدّم على هذين العنوانين الناظمين للصراع عنواناً آخر أياً كان، أن يكون وطنياً أو مناضلاً أو شريفاً أو حَسَنَ النوايا، فكل عنوان خارج فلك مجابهة العدوان السعودي الأمريكي، وخارج خنادق الذود عن الأرض والعرض هو زائف ومخاتل ورديف غير مباشر لتحالف الغزاة وشذاذ الآفاق وقوى الرجعية العربية الدائرة في فلك المصالح الصهيونية والإمبريالية.
لا يمكن لقذيفة (كاتيوشا) الجيش واللجان الشعبية المتهمة بقتل الأبرياء من قبل النخبة (الكارتون) ووسائط إعلام العدو أن تُقدَّمَ على مجازر الـ(F16) اليومية بحق شعبنا ولا أن تُوضع زلاَّتُ الجيش واللجان الشعبية والثورية موضع النقد سابقةً أو على قدم المساواة مع مشروع الذبح الممنهج الذي تسفح سواطيره وسواد راياته زرقة سماء (عدن) اليوم وطيفَ (مشاقر صبر)، وتصبغ خضرة (مقاشم صنعاء القديمة) بالدم.
إن الطريق إلى حل مظلومية الجنوب و(تعز) تمر عبر بوابة الدفاع عن (صنعاء) وعدا هذه البوابة فإن كل طريق هو سرداب مشبوه تتسرب من خلاله قوى العدوان متعدد الجنسيات وعلوج الاحتلال من مرتزقة وعملاء وشذاذ آفاق لا يُكنّون وداً لجنوب أو شمال، ولا يرون دماً أثمن من دم في حساب شبق الذبح وهوس السواطير.
أعتقد أنه آن الأوان لنَكْبُر على الحزازت وضحالة الطرح وزقاقية الرؤية وقزامة الطموح، فالوطن الكبير الذي يحتضر اليوم ويموت تدريجياً في عتمة دخان هذه الأنانيات وهذا السُّعال العصابي المقيت، يستحيل تعويضه.
وسنصحو غداً ولن نجد في أيدينا حتى الفُتات الذي قامرنا بكل حقول القمح لنحصده.
ليس في الأرض جميعها جهةٌ تمنح نسخةً (بدل فاقد) لشعب أضاع وطنه!

أترك تعليقاً

التعليقات