المسيرة قرآن المستضعفين
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا

نحو 16 عاماً مضت على انبلاج فجر المسيرة القرآنية، مشفوعة بمحاولات قوى الاستكبار وخدم سفارات الغرب الاستعماري وأدها وإطفاء شموسها عبثاً بحروب عدوانية تعددت ذرائعها المعلنة، وتدرجت أطوارها من حرب محلية دشنتها الحكومة، إلى إقليمية خاضتها السعودية إلى جانب الحكومة، وصولاً إلى تحالف عدوان كوني عابر للقوميات..!
هذا الخط البياني الزمني الصاعد لصمود المسيرة القرآنية واتساع مسارح حضورها وتأثيرها، لا يمكن تأويل استمرار منحاه التصاعدي طيلة 16 عاماً، حملاً على (التبعية لإيران).. الدعوى القديمة الحديثة ذاتها، والتي لا تزال ناظمة لكل دعاوى أعداء المسيرة القرآنية ضدها؛ وكما لو أن نكوص الخط البياني لأهداف حروبهم المستمرة عليها، يرجع إلى كونهم يخوضونها منذ البدء بالسيوف والحراب وعلى متن البغال والحمير، لا بأحدث مخرجات وخبرات تقانة القتل العالمية، وضمن تحالف كوني متعدد الجنسيات والأغطية السياسية واللوجستية!
إن دعوى (التبعية لإيران) التي تذرعت بها قوى الاستكبار في حربها على المسيرة بدءاً، ولا تزال تُعلل بها اليوم تعاظم حضور وقوة المسيرة، تشبه إلى حد بعيد دعوى مشركي قريش بحق (محمد صلى الله عليه وعلى آله) حين اتهموه بـ(التبعية لورقة بن نوفل)، وبأنه أخذ الكتاب نقلاً عنه، وبالأمس واليوم فإن (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)، وبالأمس واليوم فإن هدف الاستكبار من هذا التجيير والجحود وتشتيت الانتباه كان ولا يزال خشية المستكبرين على عروش ألوهيتهم من اهتداء المستضعفين إلى معين ألوهية الله واتصالهم بقوته المبثوثة في ثنايا كتابه المنزل وتجلِّي منهاجه في سيرة نبيه وآل بيته وأوليائه كمظهر للحق في صراعه مع باطل المستكبرين والطواغيت.
إن آيات القرآن التي تحولت لقرون على أيدي قوى الاستكبار إلى زبانية تبطش باسم السلطان وخطباء يلهجون بحمده ويعبِّدون العباد له، وجباة خراج جلاوزة يحصدون الخيرات من كدح المعدمين ليكدسوها في قصره وتحت خدمة نزواته.. إن هذه الآيات ذاتها تتفجر اليوم بالمسيرة القرآنية في أكواخ المستضعفين ينابيع إرادة وأمل في الخلاص والحرية والعيش الكريم، كما تتفجر براكين غضبٍ تتنزل كِسَفاً على مقاصير الطغاة وعروش الجبابرة.
أصبح القرآن اليوم قرآن وعود الله بالتمكين للمستضعفين، لا قرآن تعبيد العباد لوعيد السلاطين، وبعد أن ظل لقرون عصا وفلقة ودرس تجويد وحلقة تحفيظ ومتلازمة مناسباتية للوعظ والعزاء، أضحى ـ ما هو عليه في الأصل ـ مشروع نهوض مقتدر يعي دوره وإمكاناته ورسالته، ويتوافر على الإرادة والإيمان بأنه لا قوة مع قوة الله، وأن من جَدَّ في سبيله وجد واهتدى لسبل اكتساب القوة، وانفسحت له مغاليق المعرفة التي تتيح له أن يخلع عبودية الفاقة والافتقار لغير الله، ويثب من عتبات النكوص للعبيد باسم العجز إلى مصاف تعبيد المستحيلات بإذن الله المودع في قوانين حركة الوجود والموجودات.
إن صلابة الصمود وصولاً إلى نجاعة الرد والردع بعد 4 أعوام في مواجهة عدوان كوني على بلد يوصف بـ(أكثر البلدان تخلفاً) وشعب ينعت بـ(أفقر شعوب العالم)، هي معادلة لا يمكن فهمها على الجانب اليمني إلا كمظهر من مظاهر تجليات مشروع المسيرة القرآنية النهضوي المقرون بالإيمان، واستمرار العدو في تأويل هذا الصمود متنامي القدرات، كـ(هِبَة إيرانية) لن يغير من حقيقة الأمر شيئاً، ولن يعفيه من الأكلاف الباهظة لمفاجآتنا العسكرية ما سبق منها وما هو قادم.
غير أن المؤلم ليس جحود العدو بهذه الحقيقة، بل نزوع شريحة واسعة من المفروزين كمناهضين للعدوان، إلى تصديق رواية العدو وفقاً لمبدأ (الناس للناس)، أو غفلتهم عن حقيقة مشروع المسيرة القرآنية والتعاطي معها كمكون سياسي ديني تقليدي تجمعهم به مشتركات اللحظة الراهنة بوصفه قيادة الأمر الواقع.
إن هذا الاعتقاد المبني على الغفلة والميل لتأويل المتغيِّر الثوري الممتنع عن الفهم بالمألوف التقليدي القابل للفهم، هو اعتقاد ينم عن رسوخ أصحابه في حضيض الكفر بالذات والتعايش المستدام مع مسلَّمة اجترارية باطلة مفادها (ليس بالإمكان أفضل مما كان)؛ علاوة على ما يفضي إليه هذا الفهم من تبديد فرص اضطلاع اليمنيين بهذا المشروع المفتوح جهلاً بحقيقته أو سوء ظن فيه!
(يقول "أ ـ هـ ـ س ـ 27 عاماً" وهو يشير بسبابته إلى مخاض صاروخي جديد:
ـ إنه أحد المستحيلات التي بلغناها بفضل الله.. كل مسمار وقطعة فيه صناعة يمنية محضة.
ويتابع بعيني باشق ضاقت حدقتاهما:
ـ لن نزاول احتكار المعرفة ولا التقانة وسيكون كل ما لدينا مشاعاً لكل المستضعفين في الأرض.
ثم يردف بنبرة حزينة ممتنة:
ـ قلة قليلة فقط يدركون قدر سيدي حسين رضوان الله عليه وعظمة سيرته.. لولاه لكنا الآن "مقطلين قطافي قات" في أحسن الظروف).
في قادم الأشهر والسنوات ـ إذن ـ متسعٌ ليختبر طغاة العالم بأس اليمانين الطالعين من رحم المسيرة القرآنية.
وإن غداً لناظره قريب.

بين يدي الشهيد القائد السيد حسين
ليتك ترى يا سيدي (وأنت ترى يقيناً) كيف شبت بذورك وبسقت لتناكب مساكب المزن ومواقع النجوم وتخوم المجرات، وإنها لبذورٌ - لو يعلم العالم - عظيمةٌ وسرعان ما ستؤتي أُكلها الذي سيغير وجه التاريخ ومجرى الدهر في كربلاء كرامة سرمدية تنتصر أو تنتصر أو تنتصر ولا مجال للنكوص فيها ولا للمستحيل حيزُ معنى في معجم إرادتها .
يا سيدي إنه أوان ندم شانئيك وفرحِ زروعك ومباهاة هذا الثرى اليماني، الذي نكّست قلوبَ بنيه الطواغيت زماناً، بأنك لِدَةُ سماء نبوءاته وأطهر من أقلّت غبراؤه...
يا سيدي أَزِف أوان استواء يوسف البشارة على عرش الوعد واصطف المستضعفون حواليه فرحين بنصر الله وخرَّ الجبابرة والجاحدون ذلةً عند قدمي عدله الموصول بميزان الله..
يا سيدي أَزِف أوان استواء السفينة على جودي الخلاص وأقلعت السماء وغيض الماء وأشرقت الأرض بنور ربها وقيل بعداً للقوم الظالمين..

أترك تعليقاً

التعليقات