سيد كل الجهات
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -
قدرك أن تحمل على كاهلك الباسقِ كل الشرف العربي، في زمن يحمل فيه جلُّ الكواهل العربية أحذية الخنوع والذل والخيانة...
عليهم أن يخونوا وأن ينبطحوا ما استطاعوا انبطاحاً. وعليك أن تعيش قدرك الكبير كلفةً وشموخاً، محلقاً فوق مجال رؤية الأعين العربية العمياء والمرمدة بالهوان، وفوق طاقة الرقاب العربية الناكصة على أن تستشرف مداك الفسيح والمفتوح على الملاحم التاريخية والبطولات غير المسبوقة التي لا تتسع لها سجلات وأضابير القوم المتخمة حتى الجشاءة بالهزائم والهزال والعهر المتمترس بدعاوى العقلانية و»ضرورات الأمر الواقع».
لقد كدنا نعد الخيانة ماركة عربية حصرية، لولا وفاؤك ونخوتك وفدائيتك يا سيدي، فلماذا تصر على أن تخدش كل هذا العماء العربي العميم برمشك الوضاء، وأن تذبَّ بأنفاسك العاطرة كل هذه العفونة العربية عن أبجديتنا وتاريخنا وجيناتنا الوجودية؟!
أجفانك قرّحتها الأحزان، وقبضتك لاتزال تسند سقف الحرية شاهقاً عن أن يقع على رؤوس البشرية المذعنة الكسيحة التي تستحم بعرقك ودمك على دكة الفُرجة والأماسي الحمراء اللاهية، وعن هياكل قومك التي تقوست ذلاً وهي تسن لك خناجر الغيلة ومفخخات الدناءة لتجهز على آخر الرجال، الرجال الذين مرت قرون منذ أن قطعت الأصلاب العربية صلتها بهم وباتت تنجب خدجاً ومسوخاً ومواليد شوهاء.
ضمِّد جراحك بالجراح، واضرب حيفا وما بعد حيفا. شعاع جبينك فلسطين المحتلة من الناقورة إلى أم الرشراش، وقبضتك السنديان، لا تبترها عجينة ليثيوم لئيمة، ولا يشوش على هزيم رعودك نباح جِراء التكتك الصهيونية التي ترقُص ذيولُها طرباً لوجعك...
أثخنْهم فإنهم يألمون بجراحك ويألمون ببواريدك معاً.
يا سيد الجنوب الكبير بلا ضفاف، والجنوب ليس جهة، بل اختزال لكل الجهات التي تؤدي إلى الحرية. لا نعزي فيك فأنت عزاؤنا، ولا نواسي فأنت كل المواساة في سرادق عزائنا الكبير الذي رفعتَ سقفه سماءً للانتصارات من أيار التحرير إلى تموز الملحمة إلى تشرين الفداء والإسناد المفتوح حتماً على تحرير فلسطين بدءاً من الضاحية الجنوبية.
رضوان الله عليك شهيداً، وعلى رضوانك الشهيد، وعلى شهداء الرضوان وهم ينحتون مفاتيح العودة كاتيوشا وصواريخ دقيقة وكورنيت من صخر الجنوب الصلب والمقاوم.

أترك تعليقاً

التعليقات