ماذا وراء «تكتل عدن السياسي» العدواني؟!
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، اختتم اجتماع موسع لما تسمى «الأحزاب والمكونات السياسيــة» أعماله فـي عدن، والذي حضره العديد من القيادات السياسية اليمنيــة 
والأجنبية وحضور السفير الأمريكي واستمر الاجتماع لمدة يومين وخرج بالإعلان عن تأسيس ما يسمى «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية».
التكتل الجديد يمثل محاولة لإعادة ترتيب صفوف القوى المناهضة لحكومة صنعاء الوطنية ودعم حرب صهيونية محتملة، وتوحيد المواقف لأي مفاوضات مقبلة، لكنه يواجه تحديات داخلية بسبب الانقسامات السياسية وغياب التوافق بين المكونات الجنوبية والشمالية الموالية للعدوان.
التكتل الجديد، المُسمّى «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية»، هو إطار سياسي يهدف إلى توحيد القوى السياسية المناهضة لحكومة صنعاء تحت مظلة داعمة لما تسمى الشرعية الدولية. يتكون التكتل من 23 مكوناً سياسياً، تشمل الأحزاب التقليدية مثل المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، بالإضافة إلى مكونات جنوبية وأخرى حديثة.
تم إشهار التكتل خلال اجتماع عُقد في مدينة عدن بحضور قيادات يمنية وأجنبية، وبإشراف أمريكي مباشر من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والمعهد الديمقراطي الأمريكي، فهو احتياج أمريكي، أكثر من كونه احتياجا يمنيا وكانت الحماسة الأمريكية بادية من خلال الرعاية والترتيب له، ولاحقاً التصريحات المؤيدة لقيامه. تولى أحمد عبيد بن دغر رئاسته في دورته الأولى.
جاء تشكيل التكتل استجابة لتحركات أمريكية تهدف إلى إعادة تنظيم القوى الموالية للتحالف في مواجهة السلطة الوطنية في العاصمة صنعاء، خاصة بعد تصاعد الهجمات على السفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر والعربي والمتوسط والمحيط الهندي، وفشل الجهود العدوانية الأمريكية البريطانية «حارس الازدهار» وعجزها عن وقف العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية المساندة للمقاومة في فلسطين ولبنان.

وظيفته الواقعية
- إضفاء الشرعية على أي عدوان جديد على اليمن تحت مسمى «استعادة الدولة»، إذ يأتي تأسيسه في ذروة الحديث عن تصعيد في سواحل اليمن من قبل الدول الإمبريالية الغربية، لإشغال القوات المسلحة اليمنية عن معركتها الرئيسية المتمثلة بإسناد المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وفرض حصار على الكيان الصهيوني.
- إعادة تشكيل مؤسسات «الشرعية» المزعومة مثل مجلس «القيادة الرئاسي والحكومة»، فمجلس الخيانة والحكومة العميلة تفتقر للانسجام الداخلي وهناك صراعات تنافسية بين أطرافها، وبالتالي فمن المُتحمل أن يكون تشكيل التكتل كنوع من إيجاد بديل سياسي لقيادة «الشرعية» المزعومة.
- توحيد مواقف الأطراف المشاركة في التكتل ضمن أي مفاوضات يمنية مستقبلية، هذا الاحتمال هو أحد الاحتمالات الواردة فرغم توقف مسار العملية السياسية عند نقطة خفض التصعيد الراهنة، إلا أنه لا خيار بديلا عن العودة لمسار السلام، وستكون الولايات المتحدة والمعسكر الغربي عموماً بحاجة إلى توحيد القوى الموالية لها لتشكل ثقلاً سياسياً، وتكوين جبهة سياسية موحدة تضمن الدول الغربية استمرار مصالحها الإمبريالية عبر هذه القوى في مستقبل يمن ما بعد الحرب.
- دعم الولايات المتحدة في تأطير رؤية جديدة للصراع اليمني بما يخدم مصالحها الإقليمية، فالولايات المتحدة الأمريكية التي تدخلت عسكرياً ضد اليمن داعمة لتحالف العدوان في العام 2015م، وكانت حينها الأزمة اليمنية أزمة سياسية داخلية وذات بُعد إقليمي، إلا أن الولايات المتحدة تجد نفسها اليوم تتعامل مع اليمن باعتباره ملفاً دولياً فإغلاق باب المندب أمام البوارج الأمريكية، وإهانة البحرية الأمريكية أمام الصين وروسيا، وتهديد الكيان الصهيوني باستهدافه المباشر، يجعل أمريكا تتعامل اليوم مع الأزمة في اليمن باعتبارها تهديدا للأمن القوي الأمريكي، وليس باعتبارها أزمة يمنية أو إقليمية.

أهدافه المعلنة
وفقاً لبيان الإشهار، تشمل أبرز أهداف التكتل:
- «استعادة الدولة» ومواجهة أنصار الله.
- وضع إطار لحل القضية الجنوبية ضمن تسوية شاملة.
- دعم النظام الجمهوري وإقامة دولة اتحادية.
- تعزيز التوافق الوطني ودعم عملية السلام.
- تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.
- دعم الحكومة في أداء مهامها من «العاصمة المؤقتة» عدن.

المواقف السياسية الرافضة له
المجلس الانتقالي الجنوبي: رفض الانضمام للتكتل، إذ يعتبر أنه يتناقض مع اتفاق الرياض الذي يعترف بالانتقالي كممثل للقضية الجنوبية، فمجلس القيادة والحكومة في عدن مبنيان على أساس تقاسم بين الشمال والجنوب، والتراجع عن هذه المسألة بالنسبة للانتقالي تراجع عن مكتسب حققه، ولهذا لم يكتف برفض الانخراط في التكتل بل دفع بمظاهرات احتجاجية أمام مقر الاجتماع.
مؤتمر حضرموت الجامع: أعلن رفضه القاطع للمشاركة، مشيراً إلى غياب الأسس السليمة لهذا التكتل.
المؤتمر الشعبي العام (صنعاء): استنكر إدراج اسمه في التكتل واعتبره أداة لتعزيز الانقسام.
الحزب الاشتراكي اليمني (صنعاء): أصدر بياناً رافضاً للتكتل واعتبره مشروعاً يدعو للحرب لا لحل الأزمة.

تأثير التكتل على المشهد السياسي
داخلياً: لن يكون للتكتل تأثير ميداني كبير على الصعيد العسكري، لكنه قد يسهم في تعزيز الانقسام السياسي اليمني العام، وإعاقة التفاهمات السابقة حول السلام بما في ذلك خارطة الطريق، فهو يعيد فتح سياقات حربية برفع شعارات الشرعية وبسط النفوذ وغيرها من المفاهيم التي تتناقض مع مساعي السلام بعد 9 سنوات من الحرب العدوانية.
إقليمياً: يعكس التكتل رغبة أمريكية في استثمار التحالفات السياسية لتحقيق مصالحها الإقليمية، ما قد يُعتبر مقدمة لتصعيد الصراع في حال فشل المسارات السياسية، ورغم أن التكتل في ما تبقى من فترة بايدن، إلا أنه من غير المُستبعد أن يتم توظيفه بصورة أكبر في فترة ترامب.
في مواجهة ذلك فمن المهم الحرص في صنعاء على التواصل مع مختلف القوى والشخصيات الوطنية اليمنية لتعزيز الجبهة الوطنية ضد العدوان والصهيونية.
ومن الأهمية استعادة الفعل السياسي والتفاوضي في الداخل اليمني، مع القوى اليمنية عموماً بما في ذلك المنخرطة مع العدوان، ومع المجتمعات المحلية، وقبل ذلك فنحن بحاجة إلى الوضوح السياسي وإدارة الخلافات داخل الصف الوطني نفسه.

أترك تعليقاً

التعليقات