رئيس التحرير - صلاح الدكاك

السلام على مقاتل ينتعل الرمضاء والصخر الجلمد، ويشد الحبال على بطنه الضامرة، عابراً برزخ النفاق العالمي الملغوم بالمخاوف والمحاذير وضآلة الذات، صوب فردوس الجلادين، يبقر بفوهة الكلاشينكوف كروش التخمة والكوليسترول، ويثأر لضحايا حضيض القهر الآدمي والمجاعات المعولمة واتفاقيات الاغتصاب التجاري، من غزة إلى هندوراس، ومن رواندا إلى المكسيك، ومن التحيتا إلى الضاحية 13 في باريس.
السلام على مقاتل لا يأبه بالبروتوكولات الدولية الناظمة لعلاقة نبلاء الكرة الأرضية بأقنانها من شعوب مهروسة مفقَّرة، ولا يفقه أبجدية السوق التي تلقن الفم المعدم تراتيل الابتهال للسلعة وتمجيد ربها، مقتحماً بلا قيافة أبهاء الحفلات العصرية الباذخة على الأمراء والملوك وأصحاب السمو والجلالة والفخامة والسعادة، يشنق طويل العمر برباط عنق (البزنس مان)، ويطيح بالشماغات وبواريك الشعر المستعار، ويدلق براميل النفط على براميل النبيذ، ويحطم (البورش) على (البرادلي)، ويحند الإبل في (الإبرامز)، ويشعل النار في ممالك القماش الإنجليزي والأمريكانو بعقب سيجارة مارلبورو.
السلام على مقاتل يتفقد القداحة في حقيبة رحلته الثورية، قبل قنينة الماء، ومشط الذخائر قبل صرة الطعام، والزناد قبل الزاد، وسبطانة البندقية قبل مصباح اليد، ويسري مستهدياً يقينه بالله وعدالة القضية ولهب الآر بي جي والرصاص الحارق الخارق..
لا أحد في طول الكوكب المذعن وعرضه اقترف خطيئة الرفض بجسامة ما اقترفتها أيها المقاتل الثوري اليمني الآثم بإجماع العالم.
لا أحد صفع أمريكا في علياء كبريائها بقسوة ما صفعتها أنت، ولا أحد ركل كهنة معبد العولمة على مؤخرة قداساتهم، وسخر من أوثان السوق كما فعلت أنت، ولا أحد نتف لحية شيخ النفط وشوارب قبلته الكونية (أرامكو) سواك، أيها المقاتل الثوري اليمني الكافر بإجماع العالم.
عامان والساجدون حتى ذقونهم تحت مشيئة عروش البترودولار، يلحُّون عليك في أن تظهر الندم وترجو الغفران، ويستتيبونك لتنجو، فتعرض صفحاً، وتتمادى في مقارفة إثم الرفض، وتمعن في الكفر، وحين تنحني فيستبشرون بإذعانك، تنحني لتزرع العبوات الناسفة في مداميك عروش أربابهم، فيبهتون وتسودُّ وجوههم.
لو أن حنفية نفط معطوبة في زاوية من زوايا الخليج تقطِّر كل دقيقة قطرة، لقضَّت مضاجع العالم، ولسارع ملائكة الرحمة الأممية لتضميدها، لكن دمنا ليس نفطاً، ولا مشكلة في أن ينزف كل ثانية ألف لتر ما دامت مكائن (كوكا كولا) لن تتعطَّل.
ولو أننا كنا نراهن طيلة عامين من جريان الدم اليمني، على غير الله وبندقيتك أيها المقاتل في الجيش واللجان، لنفد دمنا قبل أن تنفد توسلاتنا الذليلة لنجدة العالم المنافق.
طيلة عامين من العدوان الكوني، كنا نتكئ على أعمدتنا الفقرية بعصامية، ونَزِنُ لحظات الشرف بذؤابات السيوف، ونثمن الدم ببندقيتك أيها المقاتل وأنت تغمدها في نحور ملوك النفط وخزانات البترودولار، فتسفح منها ما يرغم العالم اليوم على أن يخفض منسوب نفاقه، فيطلق المبادرات متملقاً مفاوضيك، ودرءاً لرصاصك الصائب ومفاجآت مخيلتك العسكرية الحافلة بالخوارق بعد عامين من ضراوة العدوان والحصار.
وربما مع الأشهر الأولى للعدوان كان بيننا من يتلقف أخبار مبادرات الحل السياسي بلهفة من يعوِّل على صدقية العالم وحسن نواياه تجاه دمنا، حباً في السلام، لا سأماً من كلفة الحرب، إلا أن أشلاءنا التي ظلت تملأ الشاشات وتتصدر خانة الأخبار العاجلة طيلة عامين من القتل المباشر، برهنت لنا على أن العالم لا يقيم وزناً لليد العزلاء الممدودة للسلام، وأن اليد القابضة على البندقية الوطنية الشريفة أشد رهبة في نفوس الجلادين والجبابرة من الله ووعيده، وأن خنادق المناجزة العسكرية أجدى آلاف المرات لجهة إحقاق الحق من منصات مفاوضات الفنادق المؤثثة بالورود وقناني البيبسي والمياه الصحية.
إن التعويل ليس إلا وصاية، والمعوِّلون على مبادرات تبديد الوقت والدم، بعد عامين، هم أناس لم يتشرَّبوا المعاني العميقة للثورة ضد الوصاية، ولا أدركوا ـ بعد ـ المغزى الجوهري للصراع، ولا يزال في نفوسهم بقية اعتقاد بأن (العالم واحة للسلام)، حد تعبير سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي.
السلام على مقاتل لا يثق في غير وعد الله بالنصر للمستضعفين، ولا يتوكأ على غير بندقيته الثورية، وهو يجسر المسافة بين الواقع والخيال والحقيقة والأسطورة، مجترحاً المعجزات.
السلام على شعب يجوع ولا يركع، وهو يتدفق اليوم طوفاناً من كل فجاج وأودية الجمهورية اليمنية، صوب عاصمة الصمود والتحدي صنعاء، ليقول للعالم بكل اعتداد وكبرياء وعصامية، بعد عامين من العدوان والحصار: (وما كان مكركم لتزول منه الجبال.. يد الله فوق أيديكم، وأقدام مقاتلينا تفترش أنوفكم، وإن ما صنعتم كيد ساحرٍ، ولا يفلح الساحر حيث أتى).
السلام على أرواح شهدائنا الأبرار، والمجد والخلود لهم، والشفاء وجل الشرف لجرحانا الأبطال، والفرج القريب لأسرانا.
السلام على المرأة اليمنية أماً وأختاً وزوجة ومعلمة وطبيبة وإعلامية ومجاهدة صلبة صابرة.
النصر لليمن شعباً وجيشاً ولجاناً وقيادة ثورية وسياسية، والخزي والذل للخونة والعملاء أحذية البترودولار وقوادي مقاصير بني سعود.

أترك تعليقاً

التعليقات

ابو حسن
  • الأربعاء , 5 أبـريـل , 2017 الساعة 3:43:46 PM

شعب يجوع ولا يركع لله درك من مقال

ابو حسن
  • الأربعاء , 29 مـارس , 2017 الساعة 7:37:47 AM

شعب يجوع ولا يركع لله درك من مقال