الانفصال في عصر التوحد والتحالفات (2)
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

لا يزال ملف الأوضاع المتردية في جنوبنا الحبيب نتيجة الأحداث المفتعلة مفتوحاً، ومليئاً بكل الاحتمالات، وداعياً للقلق، ومستحوذاً على اهتمام الرأي العالمي الذي يتابع بانتباه بالغ الصراعات العسكرية الدموية لقوى الارتزاق والعمالة، التي يتحرك بعضها ضد بعض، وتتقاتل وفقاً لإرادة الإمارات والسعودية.
 الكل يتابع باهتمام النتائج المحتملة لهذا الصراع وآثاره على مستقبل اليمن والمنطقة، وعلى التحالفات القائمة في الوطن العربي والإسلامي بعد تلك العاصفة العسكرية، والتي هددت بإدخال اليمن ووحدته في نفق مظلم، تلك الأحداث الدرامية المأساوية المفتعلة محاولة خبيثة من العدوان لفتح جبهات داخلية من الصراعات العسكرية الجانبية للتغطية على الحدث الرئيسي، وهو العدوان وتحالفاته الكونية وجرائمه المدمرة على اليمن شمالاً وجنوباً، واستخدام وسائله الإعلامية للتعتيم على الصراع الرئيسي والحقيقي، ومحاولة شد انتباه العالم إلى الصراع الجانبي وإبراز السعودية كحَكَم وحمامة سلام للتصالح بين الفرقاء (أدواتها). 
بكل الوجع نقول إن خريطتنا، وبيئتنا، وحتى هويتنا، كانت ومازالت معرضة للاختراقات الدموية والمأساوية، وهناك ثقوب قاتلة تنفذ إليها عقائد فتاكة، وصراعات قبلية ومناطقية وطائفية، ومشاريع استعمارية، وتقسيم وتفتيت. كم هي عناصر التفجر كامنة في أوضاعنا ومزدحمة ومتلاحقة، مرة بالفتن ومرة بالمذهبية، ومرات بالخصائص والخصوصية. ولا بد من إحياء الوعي لدرء الخطر عن عقولنا. وحتى الآن هناك من لا يفهم جوهر الصراع ودلالاته، بالرغم من الدمار الهائل والنكبات والمآسي وأساليب الشتات والتمزق وطبيعة شعبنا الباحث من خلال صراعه مع العدو عن حريته، عن يقينه وغاياته وفكرته واستقلاليته، عن بعده الإنساني والحضاري، عن وحدته وتماسكه، وإنه من باب التفاؤل الساذج إسقاط وحدته والعبث بمقدراته وحقوقه الوطنية.
شعبنا في الجنوب الحبيب متمسك بوحدته، مُصر على البقاء حياً ناضحاً بالحيوية الثورية، رافضاً التخلي عن سيادته واستقلاله ووحدته وثرواته ومواقعة الاستراتيجية. 
النظام السعودي الساقط تاريخياً وأخلاقياً مهمته تمزيق الأمة العربية، منذ فجر الوحدة العربية وهو يعمل بالوكالة عن الرأسمالية الغربية والامبريالية الاحتكارية لتجزئة الوطن العربي وتنفيذ مخططات الاستعمار وآلياته، التي تعمل دون توقف في اليمن لإنتاج الصراعات الجانبية والمفتعلة والبعيدة كل البعد عن الصراعات الرئيسية، وتقسيم اليمن إلى دويلات وكانتونات مجزأة ومنقسمة وضعيفة ومتناحرة، وعازمة بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة والمحرمة دولياً وشرعاً وقانوناً على إنتاج الهزيمة والانفصال والتشرذم والتأمرك والتغريب والانقراض التدريجي. 
ما يحصل الآن في جنوبنا الحبيب هو ثمرة العقل الاستعماري، العقل الرأسمالي الذي قلب أنماط حياة البشر رأساً على عقب، مما أفسد كل جوانب فكرتهم عن التاريخ، والجغرافيا، عن الثقافة والحضارة، وعمل على تسخير الشعوب لتنفيذ مخططاته ومصالحه، دون مراعاة للجوانب الإنسانية والحضارية وخصوصية كل بلد، حيث اجتهد مخلصاً لتنفيذ تقسيمات وترتيبات جديدة في مستوى الخرائط الاستراتيجية، والتي هي ترتيبات أبعد ما تكون امتداداً للسيادة السابقة.
ما يحصل الآن في الجنوب مشهد من مشاهد الخطة والفكر الاستعماري، يشارك في إخراجه وصناعته مليشيات ومكونات قبلية مناطقية وأحزاب سياسية باعت نفسها وقضيتها وشعبها للاحتلال والعدوان وتتعاطى مع القضايا المصيرية بمنطق الارتزاق. 
موقفنا الواضح واللامهادن من العدوان موقف مضيء في لحظة يعز فيها الضوء. ونتطلع دائماً إلى فجر الانعتاق من العدوان والوصاية والدكتاتورية البشعة، واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان والتعسف، رغم كل غيوم وظلام العدوان الكوني ومخططاته.

أترك تعليقاً

التعليقات