الارتهان للعدو
 

طاهر علوان

تحول الصراع السياسي والاجتماعي المشروع إلى عنف مسلح واقتتال بعد العدوان، وتغير الخطاب السياسي لدى أحزاب المشترك من النقيض إلى النقيض، من خطاب سياسي يستند إلى مطالب اجتماعية عامه يشمل ويعزز التلاحم الوطني لجميع المكونات والقطاعات الاجتماعية مختلفة الانتماءات، تحول بقدرة قادر إلى خطاب يحمل طابعاً طائفياً يستند إلى تقوية روابط الفئة والعشيرة والمنطقة، خطاب تعبوي، تحشيدي، قطيعي، بديلاً عن الخطاب الإنساني التحرري الأممي. توحيد البروليتارية العالمية، وتوحيد الأمة العربية. تحول الخطاب وافتقاده بنيته السياسية العمومية وانتماءه الوطني بغرض حشد وتعبئة الطائفة لمعركة عنيفة قاتلة تدمر من خلاله المكونات الاجتماعية القائمة على أسس التعايش السلمي، والاختلاف السياسي المشروع.
وبفعل ذلك الخطاب الدموي المناطقي الفئوي الذي يدعم ويعزز الاقتتال والمجازر الرهيبة والبشعة، وبفضله يتم تمزيق النسيج الاجتماعي، وتذويب وإلغاء الاختلافات السياسية والحزبية، وإحلال الانقسامات المناطقية والطائفية والمذهبية، ويخلق أرضية بركانية للاقتتال المعمم بوجود وقيادة تلك القوى السياسية المنظمة التي تدير خطاباً ذا قدرة تعبوية مناطقية طائفية عالية النبرة يسهل تحول الصراع السياسي المشروع نحو العنف المسلح والاقتتال الذي يبدو كأنه مطلب اجتماعي عام ينبع من الصراع السياسي ذاته، ونتيجة حتمية لا مفر منها، ويبدو أيضاً للجمهور المتأثر بالخطاب والمشارك في الاقتتال بغير صفته الحقيقية، كأنه دفاع عن كيان مناطقي وطائفي مهدد.
تحول أسلوب المواجهة من الوسائل السلمية إلى الاقتتال بدعم وتخطيط العدوان الذي شل جميع أنواع الروابط السياسية والحوار في (موفنبيك)، وأشعل الفتنة الداخلية والعنف المسلح الذي استحال حسمه، واستخدمت فيه مختلف أساليب وسياسات إفناء الخصم بوسائل منحطة وبشعة وغير إنسانية، لا تبرر مهما كانت الأهداف، والأغراض، والمقاصد السياسية، وتحت شعارات ومبررات واهية ومتناقضة تخدم العدو وقوته وجبروته واستبداده ومنطقه الجاهلي، منطق الغزو والاستلاب.
تلك القوى السياسية أعلنت ومنذ بداية العدوان، وبمفردات واضحة، الوقوف مع العدوان، وتأييداً صريحاً وشرعنة لكل ما يرتكبه من جرائم القصف والتدمير والقتل وسفك دماء الأبرياء والتفريط بحريتنا وسيادتنا وكرامتنا، الارتهان لنظام مملكة الشر والدفاع عنه، وهو النظام الذي حرص خلال العقود الماضية على استمرار فقرنا وسلب حقوقنا وإذلالنا، تلك القوى السياسية شريكة في كل الجرائم والمجازر الفظيعة والحصار والإبادة الجماعية التي ارتكبت وترتكب بحق شعبنا ووطننا على مدار الساعة، بتحالف تلك القوى مع العدوان ومساعدته ودعمه تحت أي مبرر يعتبر خيانة وطنية عظمى في كل القوانين والأعراف والشرائع.
لا أحد يستطيع أن يقهر إصرارنا وعزيمتنا في الخروج، وبشكل نهائي، وإلى الأبد، من ظلام ومراحل الهيمنة والاستعباد، والتقدم بخطى واثقة نحو انتزاع حريتنا كاملة من قبضة قوى الاستكبار وعتاولة القتل والإجرام والعدوان والاستغلال والجور والتفرقة الجائرة، وأيضاً إصرارنا على بناء مجتمع أساسه العدل والسلام والتعاون، ونبذ العنف والاقتتال، والتسلح بطاقات الأمل والحرية، والرغبة في البناء والتعمير. الشعوب الحرة وحدها هي التي سوف تنتصر.

أترك تعليقاً

التعليقات