مربط الفرس
 

طاهر علوان

كل حروب أمريكا من أجل النفط بآباره، وممراته، وأمواله، وبسببه كانت الحرب الخليجية الثانية، ومن أجله دمر العراق وسوريا وليبيا واليمن، واستمرت الصراعات في المنطقة لفترات طويلة بين من يملكون هذا المورد الهام، ومن لا يملكونه. كان النفط وسيبقى لفترات طويلة، الطاقة المحركة للقوة العسكرية والاقتصادية، ومصدراً سريعاً لضخ الأموال في خزائن الدول والشركات النفطية الأمريكية والغربية. حروب أمريكا من أجل النفط فقط، ولا علاقة لها بشرعية أو ديمقراطية أو طائفية أو مذهبية، وإنما من أجل النفط، أو ما يخص النفط من ممرات آمنة، وحماية لأنظمة عميلة تضمن تدفق النفط إلى أمريكا والدول الغربية، دون تعرض تلك المصالح لأي اهتزازات محتملة.
استماتة أمريكا لم تأتِ من فراغ للحفاظ على هذه المنطقة الحيوية ذات الأهمية الاستراتيجية المزدوجة من ناحيتين: غناها بالثروة النفطية، وأهميتها للمواصلات الدولية بين نصفي الكرة الأرضية، ولليمن أهمية بالغة للجغرافيا السياسية، والبتروسياسية، بسبب تداخل ملامح الجغرافية لليمن مع ملامح الجغرافية للبحر الأحمر، وبموقع مضيق باب المندب اكتسبت اليمن أبعاداً سياسية واستراتيجية واقتصادية، وكما لعبت قناة السويس، ومضيق هرمز، ومضيق جبل طارق، ورأس الرجاء الصالح أدواراً تاريخية في التجارة الدولية، ينطبق الأمر نفسه على مضيق باب المندب. الموقع هو العنصر الدائم في صنع التاريخ، أمريكا وبواسطة أدواتها في المنطقة، أعلنت العدوان على اليمن، هدفها الرئيسي السيطرة الكاملة على المنطقة، وخاصة مضيق باب المندب، حماية لمصالحها النفطية، وأمن إسرائيل والأنظمة العميلة لها في المنطقة، وإخضاع اليمن للهيمنة الأمريكية، والسيطرة على مضيق باب المندب أهم الممرات المائية في العالم، ونقطة عبور رئيسية وإجبارية لحركة تجارة النفط العالمية وللبضائع القادمة من شرق آسيا باتجاه أوروبا.
مضيق باب المندب يصل البحر الأحمر بخليج عدن والبحر العربي، وموقعه بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، ويربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، من خلال قناة السويس، ويعد ممراً إجبارياً يتيح الوصول إلى المحيط الهندي والمحيط الهادي، ويشكل بوابة دخول لمنطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى كونه منفذاً هاماً يربط غرب وشرق آسيا بقارة أفريقيا، ومن ثم الى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، ويعتبر مفترق طرق استراتيجية للشحن الدولي، وعن طريقه تمر أهم الشحنات النفطية. مساحته واسعة لمرور السفن الضخمة وناقلات النفط العملاقة بكل سهولة ويسر، وباتجاهين. ولليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على مضيق باب المندب، لامتلاكها جزيرة بريم (ميون).
كما يعد مضيق باب المندب، وكذا مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران، من الممرات الرئيسية في هذه المنطقة الحيوية والهامة والمنتعشة بحركة الشحن النفطية والتجارة الدولية على طول البحر الأحمر، وهنا مربط الفرس، واستماتة قوى الشر والعدوان أمريكا ومن لف لفها للسيطرة الكاملة والحفاظ على هذه المنطقة الحيوية الهامة، والتركيز على مضيق باب المندب، وحبك مختلف المؤامرات والخطط العدائية والتدمير وسفك الدماء لكي لا تفلت هذه المنطقة من أيديهم، وتضيع الأرباح الخيالية التي يجنونها. وعلى باب المندب سوف تندبون حظكم، ويعمكم البؤس والحزن على قتلاكم.

أترك تعليقاً

التعليقات