بريطانيا فـي الفخ
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننسى أو أن نتخلى عن حق تاريخي ونضال مشهود خلال عقود طويلة قدم خلالها شعبنا جنوبه وشماله آلافاً مؤلفة من الشهداء وأنهار دماء مناضليه وأرصدة فداء بنيه صانعي ثوراته، صانعي فجر 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967.
فجر الاستقلال، الذي ظل حلماً وأشرق ناصعاً بهزيمة أقوى إمبراطورية استعمارية في التاريخ وأسوأ حالة من حالات اللصوصية والقرصنة العالمية، استعمار بغيض حكم وتحكم في البلاد والعباد عقودا طويلة وأثقل كاهل شعبنا بركام ومخلفات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية، وخلق حالة تناحر وعداء بين الفرقاء والقوى السياسية وانقسام حاد وتناحر بين القبائل، ظلت قائمة وعميقة وتركت بصماتها على أرض الواقع حتى يومنا هذا، فلم يكن من الممكن اقتلاعها بنفس الأسلوب والإمكانية التي اجتث بها شعبنا نظام الاستعمار البريطاني.
فالموروثات السيكولوجية والأنماط الاجتماعية التي تجذرت في واقع الحياة الاجتماعية لشعبنا ولعقود عدة مضت ليس من السهل اجتثاثها، لأنها لم تقتصر على الجانب الاجتماعي فقط دون الجوانب الأخرى، فظاهرة التخلف شاملة وتسود أوجه الحياة المختلفة، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
إن إحياء ذكرى 30 تشرين الثــاني/ نوفمبر 67 فـــي ظـــل انتصاراتنــا علـــى الاستعمـــار السعودي الفاجر والوقح والذي ظل يحارب ثوراتنا منذ البدايات الأولى وحتى اللحظة، يعطي حركة النضال من أجل تثبيت الجمهورية ووحدة الوطن وازدهاره وتقدمه دفعة جديدة وأملاً حياً في تحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها كل شهداء حركتنا الوطنية في كل مراحل تاريخنا الحديث، وحتى اللحظة ونحن نناضل ونقاتل استعماراً سعودياً سمجاً وأحمقَ، كي نحقق وننجز هدفاً واحداً بطريقة سوية وملائمة، ونعني بذلك تثبيت النظام الجمهوري في جزيرة لم تتمكن الحضارة ولا التقدم ولا العلم ولا الديمقراطية ولا الضمير النقي من الولوج إلى أذهان حكامها ووجدانهم، حكام ما زلوا يسعون حتى اللحظة لفرض السيطرة وتوجهاتهم السياسية والوصاية علينا.
30 تشرين الثاني/ نوفمبر حدث تاريخي استطاع الاستمرار في التاريخ. وهناك فرق بين أن يتحول حدث ما إلى تاريخ، وبين أن يستمر فاعلاً في التاريخ. 30 تشرين الثاني/ نوفمبر هو من النوع الثاني، ليس لأنه شكل منعطفاً بالغ الأهمية في سياق حياتنا وأيضاً في سياق الصراع العالمي بين النظام الاشتراكي والنظام الرأسمالي، بل لأنه أحدث انقلاباً في مفاهيم سادت لوقت طويل عن قوة الإمبراطورية العظمى التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس والتي لا تقهر ولا تهزم قد هزمت في حرب عادلة.
لذلك يوم الاستقلال من استعمار باغٍ ومستغل لا يزال حدثاً مستمراً من الناحية التاريخية ومحط دراسات واستنطاق دلالات، وهو حدث يستمر التوق إلى استعادة روحه لطرد الاستعمار الإماراتي المتخلف الذي أثخن جنوبنا صراعات وجراحات وحقداً دفيناً وبغضاً جارفاً واعتداءات ممنهجة وكريهة وطائفية منفرة أفقدت الجنوب العيش الكريم، فصار الموت شريكاً أكبر في الحياة اليومية، والانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والصحي والثقافي شريكاً آخر لا يقل خطورة وإذلالاً.

أترك تعليقاً

التعليقات