أمريكا.. والنفط العربي
 

طاهر علوان

المحاولات البائسة للإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة، لأمركة العدوان والتدخل المباشر في اليمن وسوريا، والرغبة الأمريكية في تقسيم اليمن واحتلال الأراضي السورية لثرواتها غير المحدودة، وتعزيز قواتها العسكرية والسياسية، وتوظيف تفوقها العسكري والسياسي إلى أبعد مدى للانفراد واحتواء ثروات المنطقة العربية، ووضعها بتصرف الشركات العملاقة لتصبح الثروة العربية هدفاً موازياً لحربها على المقاومة وإيران والإرهاب، ويبدو أن الامبراطورية الامبريالية الأمريكية قد أدركها الضعف في ذروة قوتها وجبروتها، وحلت بها اللعنة وكارثة الانهيار الذي يكمن في الاقتصاد الأمريكي ذاته السبب الرئيسي العميق لانهيارها، والذي جعل الامبراطورية الامبريالية كالأسد الجريح يتحرك في كل اتجاه، ويخبط خبط عشواء، عملاق الاقتصاد العالمي ينهشه من الداخل سرطان التناقضات الرأسمالية في أعلى مراحلها، ومن الخارج محاور المقاومة الوطنية الممانعة للهيمنة الأمريكية والمتواجدة في أهم المواقع الاقتصادية الأمريكية ونفوذها الاستراتيجي في السعودية ودول الخليج النفطية البالغة الأهمية والمحرك لاقتصادها ومصالح شركاتها الاحتكارية العملاقة.
أمريكا تعتمد في استمراريتها وهيمنتها كإمبراطورية احتكارية على ثروات الشعوب الأخرى، واستغلالها باستخدام أبشع الوسائل غير الشرعية كالعنف وعواصف القتل والدمار والجوع والبطش بالشعوب وقهرها وإحراق مصالحها، وتدمير أي نظام يفكر مجرد التفكير في الخروج عن بيت الطاعة (الزريبة) الأمريكية، خصوصاً في مناطق الثروات الحساسة، حيث المصالح الحيوية لشركاتها الاحتكارية، وتسعى أمريكا للتحكم بمصير الإنسانية بنزعة دموية وشن حروبها المفتوحة على ما تسميه الإرهاب، بالرغم من معرفتها المؤكدة أنها تنفذ مهمة مستحيلة، لأن اجتثاث الإرهاب ـ إن وجد وهي قضية مفتعلة ـ يستدعي معالجة أسبابه أولاً، أمريكا والسعودية وبعض دول الخليج هي الإرهاب بذاته، والإدارة الأمريكية آلة ضخمة لتصدير العنف والإرهاب إلى العالم، ومجردة من أي شعور إنساني، أمريكا مُدمرة لكل قيم العدالة والحرية، والحياة الكريمة، والسلام بين الشعوب، والغريب حقاً والمثير للسخرية أن أمريكا تغزو الدول الأخرى وتفرض هيمنتها واستعبادها، وتستغل ثرواتها، وتتدخل في أدق تفاصيل شؤونها الداخلية والخارجية، وتقتل وتشرد الملايين باسم الديمقراطية والحرية، وحقوق الإنسان، والشرعية الدولية، وإحلال السلام ومحاربة الإرهاب، كل تلك الذرائع من أجل الحيلولة دون قيام أنظمة وطنية ديمقراطية ذات كيان مستقل عن هيمنتها، معادٍ للتبعية الديكتاتورية الامبريالية الأمريكية.
أمريكا تعتمد في مشروعها الإرهابي بالمنطقة على مملكة الشر السعودية وبعض دول الخليج المشوهة وطنياً وإنسانياً، تلك الدول لا تجد نفسها خارج نطاق هذا النمط من العلاقات، وتواجدها واستمرارها في السلطة مرهون بتلك العلاقات التي تهدف إلى أن تكون اليد الأمريكية هي الطولى دون منازع، ومصالح الشركات الأمريكية الاحتكارية هي الأساس، حتى لو تناقضت تلك المصالح مع المصالح الوطنية والقومية لدول وشعوب المنطقة، وبتلك الثوابت المدمرة والمخططات الإرهابية الدموية دعمت أمريكا الحركات الإرهابية المتشددة في الوطن العربي، والتي تعمل و(تجاهد) على تقويض الأنظمة الوطنية التقدمية المقاومة للاختراقات الأمريكية والإسرائيلية، وتثبت أنظمة فاسدة باتجاهاتها المذهبية والطائفية أحادية التوجه والشكل والمضمون، والتي تعمل بصورة تعسفية على إنهاء الآخر وتكفيره ونفيه من الوجود، وإيجاد مساحة واسعة للتفاهم والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وخلق علاقات ومصالح مشتركة جهاراً وبكل وضوح.

أترك تعليقاً

التعليقات