سوريا الصمود والتصدي
 

طاهر علوان

سقوط الطائرة الإسرائيلية (إف 16) فخر الصناعة الجوية الأمريكية، بنيران الدفاعات الجوية السورية، يعتبر بداية نهاية الامبراطورية الجوية الإسرائيلية، وانهيار أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي، حدث نوعي بكل المقاييس، وتغيير جذري في قواعد المعادلة، وخطوة جبارة لتدشين مرحلة جديدة لقواعد الاشتباك عنوانها انتقال محور المقاومة والصمود والتصدي من الدفاع إلى الهجوم، سوريا أسقطت معادلة التفوق الجوي الإسرائيلي بإسقاط المقاتلة (إف 16)، وتعطيل القدرات الجوية الإسرائيلية، لم تعد الأجواء السورية واللبنانية مفتوحة ومستباحة أمام الطائرات والصواريخ الجوية الإسرائيلية تعربد بمزاجها وحسب التوقيت الإسرائيلي، وتعتدي وتقصف هنا وهناك متى ما أرادت، وحيثما تريد، وعندما تريد استعراض جبروتها، وتأكيد تفوقها، وتضخيم قوتها الردعية دون منازع، أو رادع، أو وازع ضمير. 
لم تعد إسرائيل الآن هي الوحيدة التي تمتلك مقومات القوة بعناصرها المختلفة، وتحدد الخطوط الحمراء، وتتحكم بزمام الأمور في المنطقة، لم تعد إسرائيل تلك القوة المطلقة التي لا تقهر، من يمتلك قرار السلم والحرب والردع بأقصى ما يمكن من العنف، إسرائيل الحاكم بأمره والعقلية العسكرية القتالية المتغطرسة والمنتصرة دائماً. نجحت سوريا ومحور المقاومة في إنتاج ردع استراتيجي لها شكّل إحدى أهم قواعد التوازن في اكتمال القدرات المختلفة في جميع المجالات العسكرية والاستعدادات التامة للدخول في حرب شاملة وطويلة ومكلفة جداً يخشاها العدو، ويعمل لها ألف حساب. 
إسرائيل دخلت مرحلة الاكتواء بنار الحروب، والقلق، والمعاناة، واليأس، بفعل نقل المعركة إلى العمق الإسرائيلي، وانعكاساتها على الشارع الإسرائيلي، الخوف والرعب من الصواريخ التي سوف تصل إلى أبعد منطقة في الأراضي المحتلة، ولن تحميها القبة الحديدية مهما تضخمت، لأن إرادة محور المقاومة أقوى وأضخم، وتزداد صلابة وإرادة على الانتصار، وتزداد ثباتاً ومقدرة على إنتاج أدوات التفوق والهجوم بكل تقنيات الأسلحة التي تؤتي آثارها الحاسمة، ومن حقنا أن نضع هذه الحقيقة في اعتبارنا، ونستمد منها المزيد من التفاؤل والثقة بالمستقبل القادم بالخير والعطاء والانتصارات.
كل تلك الوقائع والحقائق الثابتة جعلت العدو يبحث عن وسيط، ويستجدي احتواء الموقف ومنع التصعيد، مما يؤكد التغيير الجذري في المعادلات. 
إسرائيل لا تريد حرباً شاملة، والدخول في حرب طويلة يعتبر مغامرة غير محسوبة العواقب بعد أن فقدت أهم قدراتها ومميزاتها وتفوقها، أعمدة الجيش الإسرائيلي ومصدر قوته الجوية والبرية والبحرية، لم تكن إسرائيل تتوقع في الحرب اللبنانية حرب تموز 2006 امتلاك حزب الله لصواريخ بحرية من طراز (C-80) التي قصف بها البارجة (ساعر 5)، كما فقدت إسرائيل الدبابة الأسطورة (ميركافا) التي تمثل نصف قوة الجيش الإسرائيلي في نفس الحرب، وتعطيل قدرتها القتالية بصاروخ سوفيتي (ميتيس) مطور بقدرات حزب الله، قيمته نصف مليون دولار، يدمر دبابة تكلف من 10 إلى 15 مليون دولار، وتعطيل قدراتها، وفقدان تفوقها العالمي وسمعتها، وسوقها، وسوريا أسقطت معادلة التفوق الجوي الإسرائيلي بإسقاط المقاتلة (إف 16)، لم يبقَ لإسرائيل (التي لا تقهر) إلا السراب والتهديدات الإعلامية والتضليل والزيف من القنوات والأبواق العربية حليفة إسرائيل، والانهيار الكامل والقريب بإذن الواحد القهار، فزمن العربدة والاستخفاف قد انتهى، وإلى الأبد، دون رجعة.

أترك تعليقاً

التعليقات