حكومة الإنقاذ والإسعافات الأولية
 

طاهر علوان

بعد عملية قيصرية استمرت شهوراً، تم تشكيل حكومة الإنقاذ بإيجابياتها وسلبياتها، وحسب مقتضيات المرحلة التي تحتم خلق مناخ وظروف تساعد على تماسك وتلاحم الجبهة الداخلية، بعيداً عن التكتيكات الخاطئة والمشاريع الصغيرة والمكاسب الرخيصة التي تخدم العدو ومشروعه في تفتيت وتقسيم الجبهة الوطنية الداخلية، وفي هذا المرحلة الصعبة والحاسمة، يعتبر التمزق الداخلي هدفاً ومصدراً وضمانة لقوة العدو ومرتزقته، وتحقيق أحلام مرتزقة الرياض وبعض ضعاف النفوس بعودة نظام التبعية والهيمنة والإذلال السعودي. 
نحن أمام مرحلة قاسية وصعبة، والآلام التي عاناها شعبنا ومازال يعانيها كانت حقاً فوق طاقة الاحتمال، ومع ذلك أثبتنا قدرتنا وإرادتنا وتصميمنا على تجاوز كل الآلام والعقبات، واقتحام المستحيل، بالرغم من الدمار البربري والتخريب الوحشي الهائل الذي أوقعه العدو الغاشم ببلادنا. 
حكومة الإنقاذ لم تتخذ أي إجراءات إسعافية ضرورية حتى الآن لرفع بعض ما يعانيه المواطنون جراء الأزمة الاقتصادية التي تتعمق يوماً بعد يوم، وتشدد الخناق على أغلبية الشعب اليمني، لابد من الإمساك بزمام المبادرة منذ الخطوات الأولى، لتجعل من الواقع مرتكزاً للانطلاق نحو تحقيق أهدافها بحلول اقتصادية محكومة بالموضوعية والواقعية والمنطقية، بعيداً عن المزاجية والخط البياني المحكوم بالصعود والهبوط دون ضوابط أو روابط أو إجراءات محكومة بالهوى ومصالح المزمرين والمطبلين ممن تلوثوا بالفساد حتى النخاع.
الشعوب لا تنسى أو تتسامح مع من منحتهم تأييدها وثقتها عندما يتناسون مصالحها، ليفرضوا مصالحهم الشخصية، ويستبدلوا طموحات الناس بطموحاتهم الفردية، لابد من الخروج من داخل أسوار الحصار الاقتصادي والنفسي وحب التسلط. من الأفضل في هذه المرحلة ألا نتعرض للسلبيات إلا بقدر ما تتطلبه المرحلة وكسب المعركة في الحاضر والمستقبل، وهذا يعني ببساطة أن نتحدث في القضايا والشروط المتعلقة بالحشد والتعبئة لتحقيق النصر على العدو، كل الطاقات الممكنة يجب أن توجه لخدمة جبهة القتال والدفاع عن الوطن، وتستوجب مزيداً من النشاط والدعم الاقتصادي. 
الاقتصاد عصب الحرب، ولابد أن يوجه إلى هدف نهائي، هو تحقيق النصر، وكل الخطوات والإجراءات التي تتخذ لابد أن تعزز ذلك، وأن تكون مدروسة ومنظمة على أسس علمية دون ارتجال أو مجرد ردود أفعال مؤقتة. ومن الحلول الضرورية والهامة لتماسك الجبهة الداخلية؛ صرف الرواتب بشكل دائم، وفي الوقت المحدد، لكونه المصدر الوحيد لمعيشة الناس، أو إيجاد حلول بديلة، والاستفادة من الشعوب المناضلة التي مرت بتجارب مماثلة، وعانت من الحصار الاقتصادي، واستطاعت تجاوزه عن طريق تنظيم العملية الاستهلاكية، مع تفوق المقدرة الحربية والحفاظ على تماسك ووحدة الجبهة الداخلية، ومواجهة الأوضاع المعيشية السيئة، والتخفيف من متاعب الفئات الشعبية بتحديد أسعار السلع الضرورية واستقرارها، وتوزيع بعض المواد الاستهلاكية الضرورية بالبطاقات التموينية، وحماية ما تبقى من القطاع العام والدفاع عنه ضد محاولات التخريب والتطويق.  
ظروف العدوان تسمح بتطهير كل جيوب الفساد واتجاهات التضخم والإثراء الطفيلي، والتخلص من ثقل السماسرة والمرابين، والتخفيف من وزنهم في الحياة السياسية والاجتماعية، وحماية المكتسبات الاقتصادية، والمضي في طريق التحولات الاجتماعية وتصفية الامتيازات عن طريق تطبيق قانون (من أين لك هذا؟) تطبيقاً جاداً بالبدء بالوظائف العليا في الدولة والقطاع العام، وعلى الجميع دون استثناء. 
النتوءات والتفاوتات والتجاوزات والظواهر السلبية لا تلغي حقيقة سلطة المعدومين من لا يملكون قوت يومهم، قوانينهم أصبحت نافذة، وليس بالإمكان زعزعتها أو التأثير على خط مسارها الثوري التحرري، وليس هناك حقيقة أو قانون لغير ممارسة السيادة الشعبية المباشرة وبتحريض ثوري دائم. نحن أمام مرحلة صعبة وقاسية، أمام حقيقة واحدة، هي إثبات الذات والوجود أن نكون أو لا نكون. نحن أمام عدو وحشي وهمجي، وأمام معارك وطنية تحررية من تبعية أسرة متخلفة بكل المقاييس الإنسانية، معارك تجذب إلى ساحتها كل الوطنيين الشرفاء من لديهم الكرمة والانتماء للوطن على اختلاف مواقعهم الاجتماعية ومذاهبهم الفكرية. نحن أمام نظام التبعية للإمبريالية الأمريكية - الإسرائيلية ومن لف لفهم، وأصبح في خدمة مصالحهم (السعودية ودول الخليج). 

أترك تعليقاً

التعليقات