الحق أقول لكم (2)
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي

ما يحصل في الساحة اليمنية من عدوان خارجي ظالم، وصراع داخلي مفتعل لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة واحتلالات ذات أبعاد أزلية، فالزمن الذي تتحرك فيه الوقائع من اعتداءات وترتيبات مشبوهة، وخطط استعمارية، (وغزو من الداخل)، هو زمن تحقيق أحلام ومطامع الاستعمار القديم، ولكن هذه المرة لم تعد تعتمد على سفن (الفنتازيا) المتهالكة، والغزوات المتقطعة، لم يعد يغريهم الحرير والبخور، أحلامهم ومطامعهم توسعت نحو مجالات أوسع للتطور والاستئثار، يريدون امتلاك كل الثروات، كل الأشياء الثمينة، الأرض وما تحمل من كنوز، والسيطرة على الإنسان وإرادته، ومعتقداته، وفكره، وقدراته، التهام موارد الأرض والبحر، واحتكار الأدمغة الخلاقة، ابتلاع الموارد النادرة، واستغلال للممرات الحية، وللطاقة النفطية، وللحياة الكريمة والعيش العذب، وزرع الخلايا الخبيثة من أنظمة متواطئة في خاصرة الشعوب العربية والإسلامية، لتدمير وحدة الفكر والبندقية، وحدة الهوية، وحدة الغايات والأهداف، وتأجيج المنازعات والصراعات الهامشية المذهبية، والعقائدية، والمناطقية، والإصرار على إسقاط الأنظمة والأحزاب والتنظيمات المقاومة لأحلام الاستعمار القديم والجديد وأطماعه ورغباته الدنيئة في إخضاع الشعوب العربية واستسلامها من أجل تأمين استمراره، ونموه، وتفوقه، وأن تبقى الشعوب العربية والإسلامية دون إرادة مستقلة حتى ولو كانت تلك الإرادة مسالمة، تلك هي أسس السياسة الاستعمارية ونزعتها الأبدية التدميرية لاستغلال الشعوب بواسطة تكتلاتها وتحالفاتها التي لا تهدأ ولا تستكين ولا تميل عن حقدها علينا، والمتربصة بالثروة والإنسان، وسوف ندفع الثمن باهظاً إذا أفلت منا هامش التوازن والردع المقابل لخطط واستراتيجية الاستعمار القديم والجديد، وإذا لم نستطع بإرادتنا وقوتنا الذاتية وصمودنا وتكتلاتنا، إسقاط ترتيبات استراتيجياته المقبلة، التي تقف فوق ركام تاريخي من الملفات والمعلومات والدراسات والمخططات والتحركات الاستراتيجية، وتسعى إلى تركيز مواردنا وحصرها والإشراف على إدارتها وهي في موقعها.
لم يعد الاستعمار الجديد بحاجة إلى التواجد المباشر، والتكاليف الباهظة لذلك التواجد، هناك أدواته المحلية من أنظمة تابعة ومرتبطة بالاستعمار عضوياً، وتخضع للسيطرة ضمن المصالح المشتركة والغايات والأهداف، إضافة إلى الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات، خطط وأهداف عديدة تغيرت ميادينها وتبدلت مواقعها واختلفت أطرافها، ولكن الهدف المركزي بقي جارياً وثابتاً، هو استغلال الشعوب واستنزاف طاقاتها الذهنية والطبيعية، خصوصاً إذا بقيت تلك الشعوب قابعة ومستسلمة لتلك الإرادات الكبيرة وتكتلاتها الضخمة وتحالفاتها الأكثر (إنباء من الكتب)، ترتيبات جديدة وتشكيل المستقبل ونوعيته على شاكلة (سايكس بيكو)، (صفقة القرن)، قوى معادية كافرة بمعتقداتنا ومتأهبة للانقضاض علينا، وعلى كل ما هو مقدس في حياتنا، سلطتنا، ديننا، ثرواتنا، وكرامة كل فرد فينا. المحاولات مستمرة في المزيد من البتر والتمزيق ليصبح الابتلاع أسهل منالاً لغنيمة دسمة تنطوي على كنوز ضخمة يعتمد عليها الاستعمار في السلم والحرب، في الصناعة والإنتاج، والنمو والتوسع، وجميع محركات وجوده ومستقبله لاحتكاره النفط ومشتقاته والنقد والموقع والمواصلات، كل مكامن قوتنا أصبحت لديه، وتلك هي المفارقة الموجعة.

أترك تعليقاً

التعليقات