دولة «شركات تسويق القتل»!
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

التحركات الأمريكية الخجولة وفريق بايدن الذي يدرس حالياً صفقات بيع الأسلحة والتعليق والتجميد بشكل مؤقت على بعض صفقات السلاح لحلفاء الحرب والعدوان، كل تلك التصريحات والقرارات مازالت مجرد مشروع لم يدخل حتى الآن حيز التنفيذ، لأن سيطرة اللوبي الصناعي واليمين المسيحي، أصحاب النفوذ القوي داخل كل الإدارات الأمريكية، يشغلان دوراً مؤثراً وفاعلاً ولا توجد فروقات في هذا الجانب بين الجمهوريين والديمقراطيين، الكل يتخوف منهم بما فيهم إدارة بايدن الجديدة والعاجزة عن مواجهتهم حتى الآن وهم في قمة السلطة، لم يتجرأ أحد على الحد من سطوتهم، ولا هدف لهم سوى وضع اليد على الثروات النفطية، ويدعمهم في ذلك بعض المسؤولين المهووسين بالعمل على الاستزادة من هذه القوة التسليحية وتطويرها بأحدث أنواع التقنيات، والرغبة العارمة للإدارات الأمريكية بشكل عام المحافظة على موقع أمريكا المتقدم في تصنيع وتسويق الأسلحة.
هناك شركات أسلحة عملاقة تقوم بتصنيع أسلحة لصالح السعودية والإمارات، وقرار التعليق أو التجميد سيؤثر على مبيعات الأسلحة للإمارات والسعودية، هناك صفقات بيع للأسلحة بمليارات الدولارات والتي عقدها ترامب مع السعودية والإمارات، تشمل صفقة توريد الذخائر الدقيقة إلى السعودية، وكذلك تزويد الإمارات بمقاتلات "إف 35" من الجيل الخامس، وعلى الرغم من التصريحات الخجولة والضجيج الإعلامي المتواصل، فإن من المرجح، بل من المؤكد أنه ستتم المصادقة على هذه المبيعات في نهاية المطاف.
أمريكا دولة تعتمد في بنيانها وتكوينها وأساساتها وقراراتها على الشركات التي توجه سياسة الدولة والمتحكم الفعلي بالقرارات المصيرية، أمريكا سوف تحافظ على سوقها وتسويقها للأسلحة ولو على حساب المبادئ والقيم والسلام العالمي، أمريكا تستغل تلك الكيانات الكرتونية لتسويق مصالحها وسلاحها ضمن تحالف الحرب، وسوف تحافظ على موقعها المتقدم باعتبارها القوة العسكرية الأولى والأعظم على الكرة الأرضية، وذلك يدعونا إلى اليقظة والتنبه دائماً، وأن السيطرة المطلقة على هذا النحو تحمل داخلها أخطاراً كثيرة وتنم عن تهور وعدم وعي، فالمنطقة مهددة بتحولات كبيرة هذا على الصعيد الخارجي، أما داخلياً ستدفع أمريكا أثماناً باهظة للحرب، ويبدو أن الإدارات الأمريكية مستعدة لتحمل هذه الأعباء لإبقاء العالم يشتعل بالحروب الأهلية والفوضى الخلاقة، وسيظل دعمها لكل القوى التي تنادي بضرورة التخلص من محور المقاومة والأنظمة الرافضة للانصياع للمشروع الأمريكي، كما تدعم استمرار الإرهاب المتواتر على اليمن وسوريا ولبنان والعراق وصولاً إلى إيران، واستهداف تلك القوى لأنها تحمل من الرموز ما ينتشل الأمة من الانحطاط ومن الظلام ومن واقع التخلف والعبودية وعفونة الكيان السعودي والإماراتي، واستهداف تلك الرموز المقاومة والمضيئة لكي لا يبقى سوى المسار المنصرف نحو التطبيع والخضوع والذل المنصرف إلى الالتفاف حول نفسه دون هدف، دون أفق وطني أو قومي، دون قواعد يركن إليها، ولكي تبقى تلك الأدوات المطيعة لكل آفات وعفونة العالم من استعمار قديم وحديث وصولاً الى التطبيع مع عدو الأمة والإنسانية.
إن قتلنا بالسلاح الأمريكي غير مبرر، وحصارنا غير مبرر، وفقرنا أيضاً غير مبرر، وليكن لنا خيار الصمود والمقاومة وإلى الأبد.

أترك تعليقاً

التعليقات