14 أكتوبر ثورة بهوية موحدة
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
تعتبر ثورة 14 أكتوبر المجيدة حدثاً مفصلياً ومرحلة تحول في التاريخ اليمني، واستطاعت أن تواجه وتهزم وتذل قوة استعمارية عظمى كانت تسيطر على أجزاء واسعة من العالم، وشاءت سخرية الأقدار والأحداث أن يقع الجنوب الثائر بعمقه التاريخي الحضاري تحت احتلال إمارات همجية متخلفة لا يتجاوز تاريخها بداية هذا القرن، كيان ضعيف هزيل قزمي متهالك وتحت الوصاية والإرادة الأمريكية ومرتهن أيضاً للإرادة "الإسرائيلية"، ومع ذلك تحاول تلك الإمارات أن تسيطر وتحتل الجنوب الثائر وتتحكم بمقدراته وثرواته ومواقعه الاستراتيجية وناسه وتفتح أمامه أبواب جهنم بالحروب الأهلية المناطقية والطائفية والتي تعددت وجوهها بصراعات مفتعلة ومغذاة بأموال إماراتية (اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسالك اللطف فيه).
فصارت تلك الإمارات الهزيلة هي الدولة وهي تخلق الصراعات والتناقضات والانقسامات والتشرذم وتوسع شقة الخلافات بين الأطراف حتى تضمن لنفسها بقاء وثباتاً بتحجيم القوى الوطنية الفعالة وكبح حركة التقدم للعمل الوطني بكل أطرافه وإيقاف حركة الزمن لغير الصالح العام والطموح الوطني وبما يخدم أهداف عشيرتها الشيطانية ويهدد مصالح الشعب اليمني ووحدته.
الإمارات خلقت النزاعات والاضطرابات والفوضى والتفكك، وتبعثر الجنوب إلى دويلات وجهات ومشيخات قبلية ومحميات تتقاسمها قوى أجنبية مع "القاعدة" وأصوليات أخرى والتغلغل "الإسرائيلي" الذي وجد المدى مفتوحاً فلم يتأخر عن التغلغل المنظم حيثما أمكن ومتى أراد.
الجنوب الثائر ينزف دماً بينما تتلهى الإمارات الهمجية ومشائخها وتحالف العدوان الكوني بمناظر الخراب والدمار الذي يشمل جميع مناطق الجنوب المحتل، وكأن الرغبة في الانتقام أعمت العيون عن كل قيمة إسلامية وإنسانية، فالجنوب بجمهوريته الشعبية والديمقراطية كان شوكة في خاصرتهم، والدولة الديمقراطية الوحيدة وسط غابة من الملكيات والإمارات الهمجية المتخلفة، دولة مدنية حاولت أن تسبح ضد التيار الرجعي الاستعماري وتسير بمحاولاتها الجادة في طريق النهج الاشتراكي وجعل الديمقراطية نظاماً في الحكم.
ثوار 14 أكتوبر وبما امتلكوه من حس وطني ووعي ثوري وإدراك للمخططات الاستعمارية والتحالفات الرجعية استطاعوا أن يحققوا أهم وأبرز أهداف الثورة، وهو رحيل الاستعمار وأدواته من سلاطين وإقطاعيين وإعلان الاستقلال الوطني الناجز وغير المشروط، على الرغم من وجود عثرات وأخطاء وانحرافات، وأيضاً دسائس ومكائد قوى الثورة المضادة بدعم من السعودية والإمارات وكيانات خليجية كانت ترى في ثورة 14 أكتوبر خطراً يهدد مصالحها ونفوذها وهيمنتها في الجزيرة العربية، ومع ذلك لم تستطع تلك الإخفاقات والمؤامرات أن تقلل من أهمية وإنجازات ثورة 14 أكتوبر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ثورة أنتجت دولة بهوية موحدة اتسعت لكل اليمن واستطاعت توحيد 23 سلطنة ومشيخة وإمارة وتحققت بعدها الوحدة اليمنية، وهي ثمرة نضال الشعب اليمني شمالاً وجنوباً.
شعبنا في الجنوب الحبيب لديه الاستعداد للمقاومة والتضحية وتحرير الأرض من دنس الأقدام الإماراتية الهمجية وجعل الغزاة يحفرون قبورهم بأيديهم، وحتفهم آتٍ لا ريب فيه ولا شيء يستطيع تغطية وجوههم البشعة، ولن تجدي الإمارات تلك الأساليب الهمجية والبطش والمطاردات والاعتقالات للقيادات الثورية الوطنية والزج بهم في المعتقلات والسجون لإحراز النصر على روح نظام الحكم المدني الديمقراطي الذي كان سائداً في جنوبنا الحبيب.

أترك تعليقاً

التعليقات