إيران الربيع الدائم (1)
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

الثورة الإيرانية الحاسمة، والصائبة، والتي اخترقت سقف التوازنات الدولية، وكسرت المعادلات السياسية الإقليمية بقلب الطاولة وتغيير خريطة المنظومة الإقليمية المتفق عليها دولياً، ثورة مختلفة وأشد تأثيراً في منطقة استراتيجية وحساسة على المستويات الدولية، والتوازنات الإقليمية، والتأثيرات الأمنية والسياسية المتبادلة في إطار المعاهدات والمواثيق الموروثة والمستجدة في تركيبات المنطقة وخريطتها الجغرافية. 
الثورة الإسلامية الإيرانية زعزعت ثقة الدول الإمبريالية الاستعمارية بكل مسلماتها السابقة، القائمة على استمرار استغلالها لثروات الشعوب المستضعفة دون مقاومة، لذا بدأت تلك الدول الاستعمارية تحيك مؤامراتها واتصالاتها من واشنطن إلى لندن إلى باريس إلى بون، حتى تلك الأنظمة الكرتونية الهامشية الخليجية والسعودية، في محاولة للنيل من الثورة الإيرانية. 
الدول الكبرى أدركت قبل غيرها التأثير المطلق لهذه الثورة، وأدركت معانيها، وأهدافها، وخطورتها على مصالحها في المنطقة، ومدى صداها وتأثيراتها الإيجابية، والتي لا تقتصر على الحدود الإيرانية، بل تتسع لتشمل المناطق المجاورة. 
الثورة الإيرانية وصفت بأنها أشد خطراً على الموازين الدولية الاستعمارية والمعادلات الإقليمية الرخوة، ولم يكن ذلك الوصف مجرداً من الحسابات الواقعية والمعرفة العينية لتركيبات المنطقة وتوزيعها السكاني الجغرافي، عناصر الثورة الإسلامية الإيرانية تعكس إلى حد كبير ذلك التأثير على نطاق الأمن النفطي الأمريكي في المنطقة، ومن هنا ليس صدفة رفض الإمام الخميني حصر الثورة بالإطار الإيراني، لأنه لو فعل ذلك لسقطت إسلامية الثورة، واستمرت الثورة كغيرها من الثورات دون تمييز، لذلك يمكن فهم معنى الصراعات التي دبت بين تيارات الثورة بعد سقوط الشاه، ودعم قيادة الثورة لخط الإسلام على حساب خط الدولة، فالإمام الخميني لا يصنع القرارات السياسية لتقرير تاريخ المنطقة ومصيرها فقط، بل إنه درس التاريخ وتعلم منه الكثير أيضاً، الإمام الخميني رفض تكرار تجربة انتصار الدولة على الثورة كما حصل لثورة أكتوبر السوفيتية، وأصر على استمرار الثورة على حساب الدولة. 
ثورة زلزلت مصالح الشركات الاستثمارية النفطية الكبرى، وأثارت الرعب والهلع في الأوساط السياسية الأمنية الأمريكية -الإسرائيلية، جراء حضورها القوي والفاعل على مسرح الأحداث الدولية. 
منذ فجر الثورة الإسلامية أعلن قائدها الإمام الخميني توطيد وتنمية وتقوية العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الدول العربية، وقد تبدى ذلك على أرض الواقع في مجاهرة الجمهورية الإسلامية بالعداء الشديد لإسرائيل وطرد السفارة الإسرائيلية، وفتح سفارة لفلسطين، ودعمها غير المشروط لكافة الحقوق العربية، وتحول إيران من حليف إسرائيل الأكبر في المنطقة (زمن الشاه) إلى ألد أعدائها، هذا الموقف الشجاع والشفاف والذي مازال الشعب الإيراني الصديق يكرسه هو وقيادته الروحية والسياسية بدعمه المتواصل للقضية الفلسطينية ودعمه لسوريا وحزب الله وحركة حماس ومحور المقاومة العربية مصدر الرعب الحقيقي لأمريكا وإسرائيل ولتلك الأنظمة العربية المنبطحة والتابعة سياسياً واقتصادياً للغرب الامبريالي، والتي لا تتحكم فيها محددات وطنية داخلية مستقلة عن العوامل الخارجية، بل هناك أطراف دولية عملت منذ قيام الثورة الإسلامية على قطع الوشائج بين تلك الأنظمة العربية التابعة والفاسدة، وبين إيران الثورة الإسلامية، للاستفراد بكل منهما.

أترك تعليقاً

التعليقات