حضور ثقافي وغياب سينمائي (1)
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / #لا_ميديا -

أقامت وزارة الثقافة في الآونة الأخيرة فعاليات ونشاطات متعددة في مجال الفن التشكيلي والمسرح ومعرض الكتاب، واحتفالات أخرى في مجالات ثقافية مختلفة وغير معتادة من الوزارة.
ولا شك في أن تلك النوايا الطيبة، والبوادر العظيمة بداية خروج من الدهاليز المظلمة والممارسات المضللة، نشاطات يستفيد منها المثقف المبدع ويفيد أيضاً بفكره وبنظرته وخبرته في تقييم المجتمع ونشر الوعي في أوساط الجماهير، تلك النشاطات والفعاليات المختلفة تبعث آمالاً جساماً في أوساط المبدعين السينمائيين في النهوض بالسينما، أيضاً لتجعل منها منبراً للمستضعفين في الأرض تشرق من خلالها إبداعاتهم وعبقريتهم، وتوظف مواهبهم وتنميها وتصقلها، سينما تستمد شرعيتها وصورتها من نبض الواقع والأرض والثورة والذاكرة الخصبة لشعبنا وخفق الضمير الإنساني، والبحث عن بصيص من الضوء وسط الظلام تصل فيها الكآبة والخشونة والقسوة حد شرعية القتل والاستباحة ودق المسامير المتواصلة في تابوت السينما اليمنية كي نعيش بـ4 حواس بعد العماء، كما يتمنى أولئك الذين اختاروا أن يكونوا خلاصة العصور الهمجية والعدوان. 
يكثر الكلام ويتعدد حول المجالات والنشاطات والمشاريع الثقافية في الوزارة، ويلف الصمت المطبق مجال الفن السينمائي عماد الثقافة وقلبها النابض، وتسطع الأنوار في المسرح وصالات الاحتفالات المتعددة، وتبقى السينما يتيمة متجمدة راتعة في ظلامها، حتى إننا لم نسمع حديثاً ولو بالهمس عنها، ومع ذلك نأمل في هذه المرحلة والمنعطف الهام وانتهاء التاريخ المثقل بالمآسي والقهر والكبت، بداية سخية بالعطاء والاهتمام بهذا الفن الجميل، وأياً كانت المقدمات والنتائج فإن المشهد الرئيسي الذي لا مشهد سواه، وأن سينمائيينا وأهل المهنة الراقية يتنفسون لحظات نادرة في تاريخهم، مترعة بكافة المشاعر للماضي والحاضر والمستقبل، تتجمع في وجدانهم، ويتدفق الأمل بالغ التركيز والكثافة والشفافية والعمق في ازدهار السينما في ظل هذه المرحلة المتجددة بإشراقات مضيئة والأمل المتدفق في تأسيس سينما مرتبطة بخصائصنا، وتعكس واقعنا الاجتماعي وهمومنا الثقافية والسياسية، وتخاطب عقولنا لا غرائزنا، مطلب ملح لا يقبل التسويف، وهذا الهم الثقافي والسياسي منوط بالقيادة الثورية السند الحقيقي لقيام سينما وطنية بمفاهيم ثورية، وأخلاقية، وقيم جمالية، وثقافة إنسانية شاملة تواكب العصر، وتكون رافداً ثقافياً حقيقياً نابعاً من تربة هذا الوطن، وثمرة من ثمار الثورة المباركة، وستكون السينما وفاء لهذا الأصل الذي نمت منه، وللمبادئ والقيم التي أوحت لهذا الغرس أن يرى النور، وأهّلت بلادنا لدخول عالم السينما الرحب والجميل. 
مرحلة جديدة وقيادة واعية لفكرة الإقلاع التي لا بد أن يتكامل بناؤها الكمي والكيفي بأعمدتها الثقافية والفكرية، تلك هي الأصداء الرئيسية للمرحلة الجديدة والاهتمام بكل مقومات الثقافة، وعلى رأسها السينما التي عانت في الماضي الكثير من الإهمال والتسيب لعدم وجود إدارة من صلب المؤسسة العامة للمسرح والسينما، حريصة على ممتلكاتها، وتعمل على بناء قاعدة تنظيمية قادرة على امتلاك الوسائل الفنية والإدارية والتشريع الداخلي الكامل والفاعل.

أترك تعليقاً

التعليقات