14 أكتوبر وبهجة الانتصارات
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

يختلف الاحتفال هذا العام بثورة 14 أكتوبر عن كل الاحتفالات السابقة؛ فقد حلت الذكرى في ظل الانتصارات العظيمة والحاسمة، التي شكلت المنعطف التاريخي الهام بالنسبة لليمن والمنطقة؛ انتصارات أعادت للتاريخ اليمني علياءه وشموخه، انتصارات أشرقت ناصعة بعد أن ظلت حلماً حتى استوت واقعاً سوياً تكسوه ضمانات النمو والتجدد والصلابة ويغذيه إيمان راسخ ملء أفئدة صناع هذا الزمن المتفرد رجال الرجال. تنوعت التنبؤات وتفاوتت، ولكن كان يجمعها الحلم بالانتصارات وبالاستقلال والحرية. وكان "الزامل" الثوري، الذي عم عزفه مسامع التحالفات الكونية الكبرى، مفعماً بالأفكار التحررية المثقلة بنشوة الخلاص من كل استعمار وطغيان، وأكدت ولادة الزمن اليماني الجديد وبزوغ عصر الانتصارات وتباشير الخلاص النهائي والحاسم، نهاية العدوان والعدو معاً، وأولئك الأوغاد المتشبثين بالمطابخ القذرة لكي يصنعوا من أوجاعنا ونكباتنا أطباقاً سيئة ومسممة، انتصاراتنا أكثر مما يتوقع الجميع، وإن جرحت أو ثقلت بوطأة المدافع التي انحرفت عن أهدافها، مدافع وجهت إلى أهداف ليس من بينها هدف تحرير الوطن من الوصاية والتبعية وزمرة الإقطاع، انتصرنا حيث كان الضمير العربي في إجازة يتنزه عارياً بمال ودعم سعودي وخليجي، ويرى -بعينين باردتين- ما يرى من قصفنا ودمارنا وإهدار دمائنا، ثم ينكفئ إلى عرين الصمت ويصمت في ضوضاء من فقدان الذاكرة. وبالرغم من كل ذلك انتصرنا وأشرقت انتصاراتنا ناصعة بعد محاولة أعداء الإنسانية الاستعماريين (إنجليز وأمريكان، سعوديين وإماراتيين) سحقنا وقمعنا بأسلحتهم الجهنمية وعقولهم الشيطانية القضاء على عزتنا وكرامتنا وتمزيق يمننا وتوزيعها حسب مقاييس وقوة كل دولة.
 تحالفات عدوانية جاءت متنكرة بأهداف وقناع "الشرعية" و"الديمقراطية" وفي إطار هذا الاعتداء وعلى هامشه عبرت كل الأطراف والعوامل والقوة الفاعلة عن نوع وطبيعة صلتها بهذا العدوان وتقاطع مصالحها في ذلك الموقع الجغرافي الهام المليء بالأساطير والثروات والحساسيات الدينية والقومية والحيز الفعال من العالم نظراً لتقاطع مصالح الغرب برمته، فضلاً عن كونه الجزء الملتهب يمتزج بذكريات مرة ومؤلمة عن الماضي الاستعماري وهو لا يطيق ذرعاً بالاستعمار البدوي المتخلف، وبالتدخلات الدولية الكثيفة على خط أزمته، ثم الانخراط في عدوان ضد أهم الدول العربية حضارة وموقعاً.
تحالفات كونية لتدمير البلد وخلق الفتن والاقتتال والصراع الداخلي لتمزيق النسيج الاجتماعي الذي كان بإمكانه حقاً أن يصرع الوحش الرابض فوق صخرة السلطة يخطط ويعمل جاهداً لتشتيت وتدمير كل التفاعلات السياسية الوطنية وارتكاب أبشع وأفظع الجرائم والحروب الأهلية والمناطقية وترويع السكان الآمنين ونشر الذعر والخوف في صفوفهم وتهجير أبناء شمال الوطن من مساكنهم وأسواقهم، وإعداد المواصفات للبديل السياسي لحكم اليمن شمالاً وجنوباً، وضرب بالعمق الكثير من الأساسات والجذور والمسلمات والاعتقادات والمشاريع السياسية والاقتصادية وكل ما هو إنتاج وطني ومشروع يخدم الأمة ويحقق السلم الاجتماعي. كل ذلك رفع مستوى العدوان إلى مستوى أزمة دولية واجتماعية كبرى لم يشهد العالم مثيلاً لها من قبل منذ الحرب العالمية الثانية، بل هناك من يعتقد أن الحرب الثالثة المصغرة جرت على جبال ووديان وشواطئ وضفاف اليمن السعيد. وأن دول التحالف الشيطاني وأوروبا المتحضرة استخدمت أسلحة كيميائية مدمرة وفتاكة ومحرمة دولياً، اسلحة الحرب العالمية الثالثة على سبيل التجربة في عدوانها على اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات