إرهاب بـ«الإرهاب»
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
أمريكا تدعي أنها تدافع عن كيانها ووجودها، تدافع عن السلام العالمي، تدافع عن حضارة الغرب، ضد "الإرهاب العربي ـ الإسلامي"، تدافع عن نمط من العيش والحضارة، نمط غربي يهودي مسيحي "حضاري" و"تقدمي" و"ديمقراطي" و"إنساني"، ضد نمط عربي- إسلامي شرقي "استبدادي" و"همجي"، وعلى العالم الغربي الإمبريالي دعمها ومساندتها في مواجهة "الإرهاب العربي ـ الإسلامي" ومواجهة جذوره الحضارية، أي باقتلاع الجذور التي أنبتته، وأهمها عداء العرب والمسلمين للحضارة الغربية وسعيهم لفرض "بربريتهم" على العالم.
فالإرهاب ليس فعلاً عفوياً معزولاً، بل هو تعبير عنيف عن هذا الصراع الحضاري، ولا بد لكسبه من خوض حرب شاملة لا تعرف الرحمة ولا تتقيد بحدود أو أعراف أو قوانين. والانتصار في حرب كهذه سيكون للغرب الإمبريالي و"إسرائيل"، والعالم بأسره مهدد في طريقة عيشه وحضارته، وسيخسر مكانته في العالم والتاريخ التي اكتسبها طوال القرون الماضية من خلال صراعات وتضحيات لا حصر لها.
بالنسبة لها فإن "الإرهاب" عربي، أما مقاومته فهي "إسرائيلية"، أي أمريكية، لأن "إسرائيل" مجرد أداة لأمريكا ورأس حربة للدفاع عن مصالحها في المنطقة. ومن هنا يجب أن يقف الغرب مع "إسرائيل" موقف تأييد لا يعرف التحفظ، وأن يضع جميع إمكانياته في خدمتها، لأن "الإرهاب" الذي يمارس عليها هو إرهاب موجه نحو الغرب الحضاري. وبهذا المعنى فإن لـ"إسرائيل" فضلاً على الغرب لا يقدر بثمن، فهي تصد عنه موجات القتل الأعمى، وتتلقى بصدرها الطعنات الموجهة إليه، فإن اخترقها "الإرهاب العربي ـ الإسلامي" وصل خطره إلى الغرب كخطر على حضارته، ويقتل أبناءه، ويدمر مقاومته، و"إسرائيل" هي بالنسبة للحضارة الغربية الخط الفاصل بين الموت والحياة. أمريكا هي التي توجت "إسرائيل" كأداة إرهابية في المنطقة، تقتل وتشرد الفلسطينيين وتدعي وتوهم العالم بأنها تقوم بخدمات إنسانية للعالم بـ"محاربة الإرهاب"، وأمريكا هي التي تقتل أطفال اليمن وسورية والعراق وليبيا وأفغانستان.
النظام الأمريكي أساس وجوده الإرهاب، وإبادة الهنود الحمر (سكان أمريكا الحقيقيين). أمريكا هي أصل الإرهاب والداعمة للإرهاب والممولة للإرهاب، وتحت تأثير تلك اللعبة الشيطانية باختراعها وتدبيرها قُصفت الأبراج لتكون مبرراً لغزو وإرهاب العالم، ولها في الماضي سوابق إرهابية شنيعة عندما أرادت تخويف السوفييت قبل نهاية الحرب العالمية الثانية فلم تجد وسيلة إنسانية حضارية تحقق بها أهدافها إلا إلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان التي كانت على استعداد لإيقاف الحرب مع أمريكا دون قيد أو شرط وقبول الهزيمة العسكرية.
واليوم يمارس الأمريكيون الإرهاب باسم "مكافحة الإرهاب"، مع أن سياستهم أخذت تطلق حروباً تجارية هنا وعسكرية هناك وسياسية هنالك. ولا شك في قدرة أمريكا على السيطرة بقواتها العسكرية المتطورة التي استطاعت احتلال العراق وأفغانستان، ولكن هنالك أيضاً من يتذكر ويذكر بالخروج الذليل والمذل من كوريا وفيتنام ولبنان والصومال وأخيراً وقبل أيام من أفغانستان والبقية تأتي.
إن ممارسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة وطغيانها في أغلب مناطق العالم جعل منها قوة مرفوضة ومكروهة من أكثرية في الداخل الأمريكي وفي الخارج. وبهزيمتها المذلة الأخيرة في أفغانستان فقدت هيبتها وقدراتها ولم تعد القوة العظمى، بل باتت على شفير الهاوية وقريباً جداً ستبدأ بلفظ أنفاسها الأخيرة.

أترك تعليقاً

التعليقات