إيران، فلسطين، اليمن
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
إن الوقت في هذه اللحظات الحرجة لا يحتمل المزيد من الثرثرة والخطابات واستعرض العضلات الخاوية والتنافس على النفوذ الطائفي والمذهبي والقصف المرئي والإذاعي للعدو التاريخي الصهيوني، وكامل الوقائع واللقاءات التشاورية حول "السلام" ومؤتمرات القمة العربية تحت مسميات عدة (التاريخي والعتيد وغير العادي والطارئ)، لم يتركوا معنى ذا دلالة مضيئة إلا واطفؤوا مهجته وحيوتيه واستهلكوه بالخطابات الرنانة والعنتريات التي ما قتلت ذبابة.
إرادات لا تريد أن تنشغل بغير هوسها الخطابي؛ مرة بالصراخ والتكرار الممل لكلمات بلا معنى، وبلا مؤثرات، وبلا ملامح، وبلا فعل، وبلا موقف، مرات ومرات، لم تعد تجدي تلك الخطابات والكلمات والعبارات، فقد "بلغ السيل الزبى" أو "طفح الكيل" من كل تلك الخطابات والكلمات والعبارات التي يلوكها البعض، وبيانات الشجب، والتنديد، والاستنكار، كل تلك المواقف مسلوبة الإرادة والباهتة لا تساوي شيئاً أمام صاروخ واحد تطلقه المقاومة في وجه العدو يزلزل كيانه، ويهدد أمنه واستقراره، ويبث الرعب في مستوطناته، ويجعله يعيش في رعب دائم من الصواريخ القادمة، وباتت الصواريخ هي المحددة لصيرورة الأمة في المدى المنظور والمتوسط، وعلى قوتها واستمرارها ومن خلالها يتجدد اتجاه الخط البياني للتفاعلات والتطورات على الصعيد العربي نحو الصعود الذي أسست له انتصارات المقاومة في فلسطين واليمن، إيران منذ ينابيع الثورة وهي تدعم القضية الفلسطينية ومقاومتها اقتصادياً وعسكرياً، وعلاقتها بمحور المقاومة علاقة الرفيق والشريك والهدف المشترك والقضية الإنسانية وتحرير الأرض من المستعمر الغاصب وأدواته، تدعم فلسطين وكل محور لمقاومة الظلم والهيمنة، تدعم استقلال القرار السيادي والتحرر من الهيمنة الأمريكية وضد العدوان والتدخل السعودي في اليمن، ضد الدول الداعمة للعدوان.
منذ قيام الثورة الإيرانية أخضعت سياستها الإقليمية لقاعدة تجفيف منابع التوتر مع دول الجوار، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظة انعكاساته الانفراجية مع مختلف دول الجوار الآسيوية. وبالرغم من حصارها والعقوبات الأمريكية، وأيضاً حصارها من الدول العربية المطبعة مع العدو الصهيوني، تلك الأنظمة التي تركت القضية الفلسطينية تعيش مذبحتها وحيدة وبالضريبة التي سارت بها، بالرغم من تلك العقوبات الأمريكية والحصارات الغربية وضغوطات تحالف الحرب والعدوان العربية لم تترك إيران القضية الفلسطينية، دافعت عن فلسطين ووقفت مع حلفائها حتى آخر لحظة، تدعم محاور المقاومة في العالم دون تدخل في سيادتهم والتفاوض نيابة عنهم.
تمتلك إيران خريطة طريق واضحة المعالم بأهدافها الثورية والتحررية، وتدخل الآن مرحلة جديدة مختلفة كلياً عن إيران التي عرفناها ستكون أقرب إلى مرحلة الينابيع الأولى للثورة التي فجرها الإمام الخميني، مع فارق أساسي وهو أن إيران الجديدة باتت أكثر قوة وتأثيراً عسكرياً وسياسياً على الصعيدين الإقليمي والدولي، لأنها تستند إلى صناعة عسكرية ذاتية وترسانة هائلة من الصواريخ والطائرات المسيرة المتطورة جداً، علاوة على أذرع عسكرية حليفة ضاربة في أكثر من دولة "شرق أوسطية"، وستكون في عهد الرئيس "رئيسي" غير إيران ما قبله، حيث ستتوحد السلطات الثلاث: التنفيذية والقضائية والتشريعية. إيران جديدة وقوية ومختلفة كلياً قادمة.

أترك تعليقاً

التعليقات