طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي  / لا ميديا -

العالم يتغير الآن خارج نطاق العولمة والنظام العالمي الجديد والترتيبات المشبوهة لمنطقة الشرق الأوسط الجديد والسوق المشتركة والتطبيع مع العدو الصهيوني، يتغير خارج نطاق التوجه الخاطئ والدموي للأنظمة الإمبريالية المنقرضة، والتي أسست من خلال العنف والاستبداد والاستغلال واضطهاد الإنسان والإبادة الجماعية وفقدان التوازن، وفرضت نظام "عولمة الحروب والفوضى الخلاقة"، والتعايش مع مشاهد الدمار وإبادة الشعوب باسم الديمقراطية والتحرر والتمدن والحضارة، حيث جعلونا نرسخ في قناعاتنا أن القانون للأقوى، أن الغرب ديمقراطي بالسليقة والشرق استبدادي بالفطرة، وأن الديمقراطية ابتكار غربي والاستبداد قدر شرقي، الديمقراطية رديف للغرب، والاستبداد قدر الشرق... نظرة غربية عنصرية خالصة تتطلع باستعلاء إلى التاريخ الإنساني برمته، فالغرب الذي يدعي الديمقراطية والتمدن والحضارة مسكون بالحروب الدموية والاستبداد، وهو مصدر الاستغلال ومنبع الإرهاب والقهر والانسحاق، لم ينتج سوى المآسي والشرور، لم ينتج سوى العبودية والمتاجرة بالإنسان وثرواته وخيراته، لم ينتج سوى الفساد والاستخبارات، لم ينتج سوى أنظمة قهرية مسكونة بالعدوان والحروب الدائمة والطائفية والتشدد والإرهاب والمؤامرات والعبث بمقدرات الشعوب وثرواتها والغدر والخيانة والتطبيع والتحالف مع العدو وتنفيذ مخططات الغرب الذي يريد احتواء الشعوب وفرض النفوذ على أكبر مساحة جغرافية ممكنة، وعلى الأخص المناطق الاستراتيجية من هذا العالم وفي مقدمتها باب المندب. 
الغرب ينظر للأمور بمنظارين ويحسبها بمكيالين. وقد لا تحصى الأمثلة على عدوانية الغرب التي سيكون موقع أمريكا فيها الشكل الأرقى والنموذج الأعنف والإرهاب والعنصرية على مستوى الداخل الأمريكي أو على مستوى العلاقات مع الشعوب الأخرى. إن هذا النموذج لم يؤدِّ إلى إسقاط كل ادعاء يحفظ القانون الدولي، وإنما أيضاً أدى إلى إفقار "الأخلاقيات الغربية" من كل محتوى وتوجه إنساني.
للغرب أيديولوجيا عنصرية دموية مهترئة، جعلوا من آلية تدمير العالم الثالث تنمية ضرورية تتولى المؤسسات المالية العالمية تنفيذ تلك السياسات. طغاة مستبدون يتحكمون في رقاب الملايين. طغاة كانوا ومازالوا كابوساً مرعباً يجثم على صدور الملايين من أبناء الشعوب المستضعفة، يهددون بقنابلهم الذرية الأنظمة المقاومة بأن مصيرها الدمار والفناء إذا ما حاولت تغيير حال المستضعفين الذين أريد لهم حياة العبودية الأبدية. تلك الأنظمة المدججة بكل أسباب القوة وبمختلف أنواع الأسلحة العسكرية لم تستطع أن تصمد أمام تيار التغيير الخارق الذي قادته دول محور المقاومة العربية والإسلامية، البوصلة الحقيقية للشعوب المستضعفة الباحثة عن العيش الكريم والحرية والعدالة والسلام والديمقراطية الحقيقية. 
لقد ورد في "خزائن التاريخ" فيض من الأدلة والوثائق، من أغلب المراحل التاريخية، عن الأدوار المضيئة للشرق ودوره ومواقفه ونضاله من أجل تحرير الإنسانية من العبودية وتثبيت الديمقراطية والعدالة. ويتجسد الآن هذا الدور مجدداً في مواقف المقاومة العربية والإسلامية بنضالها ومقاومتها للاستعمار والاستبداد لتوطيد أخلاقيات وقيم متناسقة مع القيم الحضارية والإنسانية وبروح ديمقراطية تتعامل مع الأحداث وتلتحم التحاما عضوياً، بل تمتزج بعيداً عن كل التناقضات وتكثيف مواقفها من الصراع مع أعداء الديمقراطية والإنسانية.
 فالديمقراطية المزيفة والتاريخ المزيف يكتبه الإرهابيون لتبرير حضارتهم المزيفة ولكي يثبتوا انه لا حل للعنف المطروح إلا عنفهم، وبهذا لم يكن عنفهم إرهاباً وإنما محتماً.   

أترك تعليقاً

التعليقات