حتمية التغيير
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

نحن في أمس الحاجة إلى خطاب جديد حول الإصلاح الإداري والتغيير الوزاري، بحاجة إلى سياسة أكثر حزماً وحسماً ومصداقية لكي نتمكن من مواجهات التحديات المصيرية، والتي تطرح نفسها على الأوضاع الداخلية وتسبب الأزمات والاختناقات المتلاحقة نتيجة العدوان الكوني الظالم، وأيضاً لعدم وجود حلول جذرية من حكومة الإنقاذ. 
الحاجة ملحة وضرورية في آن واحد لخطورة وتعدد الحصارات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، حصارات بنيوية ليس الهدف منها تكييفنا أو ترويضنا، بل تفكيك دولتنا ومجتمعنا والحيلولة بينهما وبين الخروج من وضع يقيدهما ويحد من قدرتهما على الاستمرار والصمود والتصدي للعدوان. 
حصارات ليست مرحلية أو تكتيكية أو جزئية، بل ترمي إلى أهداف وسقوف عالية يحظر علينا تجاوزها أو حتى الاقتراب منها، تعمل بإصرار ممنهج لتدمير إمكانياتنا المادية والروحية، ومنع خروجنا من آسار الهيمنة الأمريكية. حصارات سياسية، واقتصادية، وثقافية تريد إخراجنا بضربة واحدة أو بالتقسيط من عالم الحرية، والحداثة، إلى عالم العبودية، والتبعية، والمذلة، كما أخرجت من قبل مملكة الشر السعودية والإمارات.
حصارات شاملة لا تقف عند حد، فرضت على الشعب اليمني، وتشمل جميع جوانب وجوده، وتهدف إلى صياغته وإنتاجه بحيث تأتي أفعاله مجافية لأهدافه ومصالحه الخاصة، ومتسقة مع أهداف من يحاولون إخضاعه بالحصارات، وبرمجة حياته، ويصادرون أحلامه الوطنية والقومية، لذلك لابد من اختراق جميع سقوف تلك الحصارات وامتلاك تقنيات تتيح لنا الانتقال من الأزمات والاختناقات والضعف إلى حالة منجبه للاستقرار والتقدم والقوة، حالة مفارقة للتأخر والتخلف والتبعية والحصارات المفروضة. 
نحن في أمس الحاجة إلى التغيير الشامل، بحاجة إلى النقد والمكاشفة حتى لا نمارس التواطؤ مع أنفسنا وذواتنا، ونتبنى حقيقة الحدود التي يمكن لنا فيها ان نرفض، وان نغير، ونتبين معالم الطريق. 
الإصلاح والتغيير يقتضيان خطاباً جديداً ثورياً يقطع الصلة نهائياً بالإدارات الفاسدة السابقة، والتي لازالت تعشش بفسادها في أغلب الوزارات، والمؤسسات الحكومية، وتمسك بمفاصل الحكومة والدولة والمراكز الرئيسية في الوزارات الاقتصادية، والثقافية، والخدمية، خطاباً يتميز بالجد والجدية في التعامل مع مطلب الإصلاح والتغيير كضرورة وطنية، وصياغة أجندة واضحة لمسالك هذا الاصلاح ودروبه السياسية، والقانونية، والاقتصادية، وبلورة جدول زمني لتنفيذه، الرفض ليس كافياً، إذ لا بد أن يكون مصحوباً بإجراءات ثورية عملية تؤكد قدرتنا على التغيير واجتثاث الفساد من جذوره، والحفاظ على كرامة الناس بتوفير المطالب الأساسية لمعيشتهم، والمتمثلة في الخبز، والحرية، وهو الهدف الأساسي من أهداف ثورة أيلول، وولادة مشروع قطيعة مصحوباً بنظام للتغيير الثوري، أي ان على الثورة أن تكون مشروع نقد وتفكيك، كما هي أيضاً مشروع تجميع وإعادة بناء، وهي لن تكون كذلك. إلَّا إذا أسهمت بإعادة إنتاج المعنى للوجود الإنساني.

أترك تعليقاً

التعليقات