أقواس الهزيمة
 

طاهر علوان

الانتماء التاريخي والجغرافي لمملكة الشر السعودية، والمصالح الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، لا يفترضان علاقات حسن جوار وحسب، بل تعاوناً، وتقارباً، وتفاعلاً، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً واسعاً مع اليمن، لكن المسار الذي اختطته مملكة الشر السعودية كان مغايراً تماماً لهذا الافتراض في العديد من المحاور والمحطات منذ تأسيسها، سواء في ما يتصل بالتحالفات الإقليمية والدولية، وخاصة الصراع العربي الصهيوني، أو بالقضايا والمسائل المشتركة، وعلى الرغم من ذلك فإن مثل هذه القضايا والمسائل والمواقف، وخاصة بعد ثورة أيلول، ما كانت لتصل بالأمور إلى حد العدوان البائس والعاجز حتى عن القيام بدوره الوظيفي العدواني المخطط له من قبل أمريكا. 
التحالف الكوني البائس يتربع الآن على عرش الهزائم، ويحاول من خلال إعلامه تزييف الحقائق والوقائع، تسويق الهزائم العسكرية والسياسية وحتى التفاوضية وكأنها انتصارات حققها على كافة المستويات، لتلميع وجهه وزيادة رصيده الشعبي الداخلي والخارجي، وتسديد فواتير خاصة من دماء اليمنيين، والعرب، والمسلمين، خدمة لغايات وأهداف استراتيجية بعيدة كل البعد عن الذرائع والمسوغات الواهية التي تحاول مملكة الشر السعودية الخاضعة لحفار القبور الأمريكي تسويقها لتبرير عدوانها على اليمن، فالهزائم دائماً تجد مبررها في ثقافة العاجزين، وتجد النكسات تفسيرها في الحظ، ويجد التقصير مبرره في اللاإرادية، وللانحطاط أسبابه الضرورية، ويصبح المسؤول غير موجود.
تحالف وصل إلى درجة الصفر المعادلة لمستوى الاستقرار في التفاهة، والهامشية، والابتذال في تبني سلوك المنتصر، ويتوقع من الآخرين تبني سلوك المنهزمين، وأن يقف العالم طوابير متراصة يستجدي الانتساب إليه والسير في فلكه دون مقاومة، بعد كل تلك الحقائق الميدانية، والانتصارات التي حققها رجال الرجال على جميع الجبهات والمحاور خلال فترة العدوان الظالم والحصار وآثاره الوحشية، وصناعة الجوع، والأزمات الاقتصادية، وسجل أسود من التاريخ الإجرامي وقتل البراءة، ومخزون هائل من النكبات والمآسي. تحالف كوني بحاجة ماسة إلى إثبات ذاته عن طريق استخدام تلك الهمجية المفرطة والتجليات الصارخة لهذيان القوة والاستعلاء، ليؤكدوا أنهم مازالوا أقوياء ويستطيعون ببشاعة تحالفهم الدموي أن يفرضوا واقعاً جديداً في تغيير خارطة المنطقة لصالح مشروعهم، بينما وضعهم مفتوح على كل احتمالات السقوط، ولا منجاة لهم من الانهيار الكلي بعدما تعرضت مواقعهم للاهتزاز، ورفعت علامات استفهام كبرى عن مستقبلهم السياسي والوجودي، واستحالة إخضاع الشعب اليمني لإرادة وسيطرة سيدهم حفار القبور الأمريكي. 
فالحقائق يمكن أن تكون عرضة للتزوير، لأن كثيرين يملكون الجرأة على تزوير الحقائق، ولأن كثيرين يعتقدون أنه من الممكن إعادة تركيب التاريخ، والحقائق بما يخدم غاياتهم، ومصالحهم، وأهدافهم، وكثيرون أيضاً هم السذج الذين ينخدعون لأن أبواق الإعلام المأجورة تصور لهم التزوير على أنه حقائق مؤكدة ويجري تقبلها، ولكن لبعض الوقت، فالحقيقة تملك خاصية البروز مجدداً مهما كان حجم الركام الذي يلقى عليها لكي تطمس.

أترك تعليقاً

التعليقات