21 أيلول و26 سبتمبر
 

طاهر علوان

أعلنت ثورة 21 أيلول، ومنذ اللحظات الأولى، وبكل وضوح، أنها الامتداد الطبيعي لثورة 26 سبتمبر، ولتحقيق أهدافها التي لم تحقق لتكالب الأنظمة العربية الرجعية عليها، والمرتبطة بالاستعمار واحتكاراته، وأن إنجاز هذه المهمة يتطلب تحقيق الوحدة الوطنية بالسلم والشراكة باعتبارها الشرط الضروري والحاسم لتأمين مسيرة الثورة نحو أهدافها، ومواجهة كل المخططات الجهنمية لإعادة اليمن إلى التبعية والوصاية واحتواء الثورة واستيعابها وإحداث انقسام بين القوى الوطنية بتنمية وتغذية التناقضات الثانوية حتى تتمكن من الانقضاض على السلطة الثورية بتنظيم حركة تمرد من الداخل.
لم تستطع الإمبريالية العالمية بتحالفاتها مع الأنظمة الرجعية العربية عتاولة الشر والظلام، ولم يستطع التاريخ أن يعيد نفسه باحتواء ثورة 21 أيلول كما احتوى وغدر بثورة 26 سبتمبر، وسلخها عن مبادئها ومسيرتها الثورية، وأفرغها من مضامينها بانقلاب 5 نوفمبر الرجعي، وسيطرة قوى الإقطاع المتخلفة والمرتبطة بالمصالح الاستعمارية ومخططاتها في تصفية العملية الثورية، والتغيير الاجتماعي بالساحة اليمنية، وملاحقة وقمع الكوادر الثورية الوطنية وتصفيتهم جسدياً، وإسقاط أهداف 26 سبتمبر والنظام الجمهوري.
بانقلاب 5 نوفمبر، وعملية التصالح 1970م مع الأعداء في الداخل والخارج، سيطر الركود والجمود والتخلف الشامل، وتدني مستوى الشعور بالمسؤولية الوطنية والانحراف إلى نفق مظلم، لم يعد هناك بصيص من الضوء أو موقع قدم لفعل الإرادة الوطنية والنهج الوطني الاقتصادي والسياسي والعسكري. 
أزمة ثورة 26 سبتمبر هي عدم اتخاذها أي إجراءات في تغيير العلاقات الاجتماعية، وعلاقات الملكية، ولم تمس الأساس الاقتصادي للإقطاع مصدر القوة السياسية والنفوذ، بل دعمت الإقطاع بامتيازات اقتصادية ونفوذ في السلطة، مما أدى إلى انحسارها ودخولها في تناقضات مع مبادئها، وبالتالي فقدت مبرر وجودها واستمرارها بتصالحها ومشاركتها السلطة مع أعدائها. إن الذين قاتلوا الثورة ومبادئها من 1962م إلى 1970م، مع تلك الفئة الاجتماعية والسياسية، هم سبب الظلم والفساد والاحتكار الاقتصادي والانحلال الاجتماعي والوهن، وهذا ما يريده الآن العدوان الأمريكي- السعودي بمبادراته الاستسلامية، وإعادة إنتاج تلك الأشكال البشعة والعلاقات الإقطاعية الجشعة ورموز السلطة الفاسدة في إدارة كل مفاصل الدولة بالوصاية، يسعون بإصرار إلى معاداة روح العصر والتغييرات الجارية فيه، ومحاولة التشبث بتلك الأنظمة والعلاقات الإقطاعية المعيقة لعملية التطور والتحول.
ثورة أيلول كانت ضرورة اجتماعية، وحتمية تاريخية لحدة التناقضات التي وصلت إلى أعلى درجة من درجاتها المأسوية، وتحكم النفوذ الأجنبي في مصير البلد، وخضوع السلطة لقرارات الدول الـ10، وتبعية أحزاب المشترك، حيث كانت تلك الأحزاب في أساسها هياكل وديكوراً لتمرير المبادرة الخليجية، وبصفتها هذه لم تولِ اهتماماً لغير مصالحها وتطلعاتها في السلطة، وتعاملت مع قوى سياسية غارقة من رأسها حتى أخمص قدميها في مستنقع العمالة والفساد، والتآمر لاحتواء الزخم الشبابي الجماهيري وإضعافه بالمبادرات الخارجية والحوارات العقيمة التي تسعى لتقسيم اليمن، وخيبات الأمل، والفعل، والتحرك، وإعادة إنتاج المشهد والنظام الكئيب برموزه الفاسدة، كل شيء بدا فوق السطح لوناً من ألوان الاستسلام والإحباط، ولكن كان هناك من يخطط ويتجاوب ويتفاعل مع آلام وأوجاع المستضعفين أصحاب الحق الشرعي في الثورات، كان هناك من يعمل ويجاهد من أجل يمن حر موحد ومستقل عن الوصاية والعبودية للدول الـ10، لذلك انبثقت ثورة الـ21 من أيلول لإنقاذ البلد من براثن الوصاية الأجنبية، وتحقيق آمال وتطلعات اليمنيين في دولة مستقلة ذات سيادة وطنية خالصة.

أترك تعليقاً

التعليقات