سرقة القرن
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

السلام الأمريكي والرهان على نواياه الإنسانية معادلة مخالفة لمنطق التجارب والتاريخ. ومن لم يلتقط إشارات السياسة والاقتصاد في استراتيجيات التحالفات والمصالح الاستعمارية، والتي كان آخرها صفقة القرن، مازال يعيش في دائرة الظلام والسراب 
ومرة أخرى يجد العرب أنفسهم يبتلعون وجبة إضافية من (سم) السلام الأمريكي – الصهيوني، المسمى "صفقة القرن"، وانكشفت اللعبة وتعرت أمام الشعوب ورسمت صورة أمريكا التي لم تنجب سوى الكوارث والتآمرات والحروب والصفقات المشبوهة. أمريكا لم تكتفِ بالاعتداءات والحصارات ونهب ثرواتنا وزرع أكثر من عنصر تفجيري بيننا واختراق انتماءاتنا القومية بدعم مشاريع انفصالية من داخل تشكيلاتنا المحلية... كل هذا الاختراقات والأمم المتحدة مازالت موجودة وقائمة، لكنها مجوفة وبدون صلاحيات، ومجلس الأمن الدولي لم يغب عن المشاهد المأساوية، وكذلك المحاكم الدولية وتلك الخطابات الفضفاضة عن الحضارات والأخلاق والقيم والمحبة والسلام... كل تلك الخزعبلات الأممية والدولية والإنسانية لا تساوي مثقال ذرة أمام منصة لم يكن فيها سوى "ملك" واحد أعطى لنفسه الحق في أن يُحنّي إصبعه إيذاناً بموت ضحية أو يرفع الإصبع لإطالة عمرها إلى وقت آخر، ويقبل العالم المنافق بتلك الأوضاع الهزلية لترتيب مصالحه المنحطة، وتقبل تلك الأنظمة الكرتونية ومشيخات الخليج بصيغة تلك المهازل، بل تربط ارتباطاً متبادلاً بين الجلاد والضحية، الارتباط الأعمى بنظام العبودية والهيمنة والخضوع، والذي جعل ترامب يقف تلك المواقف ويشرع ويقرر عبثاً ويرى كيف يصفق له هؤلاء الأقزام الخونة وهو يوزع المدن الفلسطينية ويهدي القدس عاصمة موحدة أبدية لـ"إسرائيل" بتغطيتهم وتمويلهم، وأيضاً دون مطالبة دول العالم المنافق بتطبيق القرارات الدولية ويرضخ الجميع ويقبل بتلك المهانة. 
انكشفت اللعبة وتعرى النظام الإمبريالي الذي طفت على سطحه بقع الدم، فكانت على التوالي: العدوان الثلاثي، اجتياح لبنان والعراق، كامب ديفيد، وحرب تموز، وإذا بنذير الشؤم ينثر بذوره بـ"صفقة القرن"، الصفقة التي لن تمر، لأن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية لن يقبلوا بها، ولن يسمحوا لأي كائن بالمصادقة عليها. رهاننا دائماً على محور المقاومة، الذي يزداد قوة وصلابة ويحقق الانتصارات في اليمن وسوريا ولبنان والعراق ويملك قوة الردع وإنهاء كل المطبعين (العرب) والمتواطئين مع كوشنر وترامب في مؤامرات القرن والمتعهدين بتمويلها من أموال شعوبهم وأرصدة أجيالهم القادمة. وضخ مئات المليارات لدعم ترامب وصفقته المشؤومة، وها هي أمريكا الآن بكامل عريها الأيديولوجي تسقط فوق رؤوسنا تكتلات وتوازنات وتحالفات ونحن ما نحن عليه من تناثر وعدم مبالاة ومن انعدام حضورنا ودورنا في موقع التغير والتحول. ورغم كل ذلك الظلام ورغم كل الغيوم فإن محور المقاومة الأمل المتجدد دائماً يضيء في لحظة يعز فيها الضوء، وفي ساعات الضوء الأولى يفجر الثورات، يفجر الوحدة، يفجر النصر، والعبور إلى فجر الانعتاق من الدكتاتوريات والاستغلال والتعسف. 
المقاومة هي الخريطة التي لها حضور، بل اخترقت بؤبؤات العيون رغم ظلام الأنظمة الفاسدة.

أترك تعليقاً

التعليقات