الرفيق الضال
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
لا يملك المرء وهو يتابع الإعلام الرسمي وشبه الرسمي إلا أن يندهش من سذاجة تصريحات وزراء حكومة «الإنقاذ»، التي تؤكد وبشكل دائم وبإصرار عجيب أن الأحوال المعيشية، وخاصة لموظفي الدولة، «عال العال» وتسير من حسن إلى أحسن، وليس في الإمكان أبدع مما كان؛ وهو وصف لأحوال البلاد والعباد، وليس هناك تلاعب في لقمة عيش الفقراء والمستضعفين في الأرض وبدموع الثكالى والأرامل والأيتام...!
تلك التصريحات الساذجة لا بد أن تصيبنا ونحن نعيش الواقع ونحسه بالصرع أو الجنون أو بجلطة دماغية؛ فليس هناك استفزاز أو سخرية أكثر من هذا الادعاء الذي يقلب الحقائق رأساً على عقب ويستخف بذكاء عامة الناس ويعمق الجراح المفتوحة ويزيدها اتساعاً.
ويتصور هؤلاء الوزراء عديمو القدرة والكفاءة أنهم قادرون على إقناع الناس بعكس حالهم ومعاناتهم أشد المعاناة من انقطاع المصدر الأساسي لقوت أطفالهم، وتنكر ذلك الحاقد الرفيق الضال الذي كان يعرف باسم «الراتب»، وكل شهر تحول بقدرة قادر إلى نصف راتب ممحوق، ويصرف مرة واحدة كل 4 أشهر، ومصاب بفقر دم وكساح، خفيف الوزن والعقل، يهرول وبسرعة مذهلة كالمطبعين العرب وبطريقة بهلوانية من عند الصراف إلى جبهة الشر والعدوان الداخلي (المؤجر وصاحب البقالة).
لا يؤمن بالسيادة والاستقرار في جيوب المستضعفين في الأرض، يثير الفتن والنعرات في الوزارات والمؤسسات، يتعامل بعنجهية وكبرياء مع الكادحين والغلبة، ظالم طاغٍ مستبد يجعلنا نقف ساعات طويلة ونصطف طوابير متراصة لكي نستجديه ونطلب مودته وعطفه وحنانه، يتعامل مع المستضعفين وكأنهم كيانات مصطنعة ليس لها حجم سياسي واقتصادي فاعل ومؤثر.
رفيق ضال لا يراعي المودة والعشرة الطويلة والرفاقية منذ التعيين الأول من الخدمة المدنية، شعاره: لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وإنما مصالح دائمة، يتحالف مع حكومة «الإنقاذ» الفاشلة، ويتضامن مع سياسة التجويع والإذلال والامتهان، يتخلى عن محبيه للغاية في أصعب المراحل قسوة وأحلك الظروف مرارة.
يؤيد حكومة تجاهد لخنق الأمة وليس إنقاذها، وتطبق سياسة اقتصادية راكدة وقاتلة، والظروف المعيشية غير إنسانية وتسير في اتجاه إسقاط المجتمع في هاوية الإفلاس والذل والاستجداء، يدعمها، بقصد أو بغير قصد، ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية ونهب النصف الراتب الهزيل والمريض وتراجع قيمته الفعلية نتيجة للتضخم والخنق الاقتصادي، واستمرار تدهور معيشة المواطنين بمواصلة حكومة «الإنقاذ» تلك السياسة المزعومة بأنها «تحررية إنقاذية»، يعني أن هناك المزيد من التدهور، يعني لا نصف راتب ولا يحزنون، ولا دخل منظور ولا غير منظور.
سياسة الموت جوعاً سياسة تغيب عنها أي رؤية تجاه حل مشكلة الراتب، المشكلة التي تؤرق كل بيت وتضاعف صرخات النساء الباكيات النادبات من سياسة الخنق الاقتصادي التي أدت إلى الركود في المجتمع وفي الاقتصاد وفي القطاع العام والقطاع الخاص.
فهل يعود الرفيق الضال إلى رشده وموقعه واسمه ويدعم الكادحين ويقف إلى جانبهم؟! فأيدينا ممدودة له باستمرار وفي كل الأوقات.

أترك تعليقاً

التعليقات