الثورة والمؤامرة المضادة
 

طاهر علوان

في ظلمة الأحداث ووقائع المؤامرة الأخيرة وفصولها الدامية، وانهيار دعائم الغدر والخيانة والفساد، وسقوط التنين القبيح، واحتراق آخر أوراق تحالف الشر والعدوان، منذ الساعات الأولى من اندلاع خيوط المؤامرة وفك الارتباط بالداخل الوطني، وممارسة الخطيئة القاتلة والارتباط بالعدوان ومخططاته وافتعال الأحداث المؤلمة والمشاهد المروعة وتثبيت الخيانة وتأكيد بصمات الغدر والنذالة من تلك القوى المعادية لكل تغيير ولكل تحول نحو السيادة والاستقلالية، ومحاولاتها بتضييق الخانق من الداخل لإسقاط الثورة والتخلص من الثوار الذين يشكلون البوصلة الحقيقية لكل تحول مصيري بقوة تجردهم الذاتي ودفاعهم عن مصالح أغلب الفئات المستضعفة. 
لحظات حاسمة وقاسية ومريرة، والتزام مبدئي لقوى الثورة لإنهاء الفتنة بروح الفداء والصمود، كان الانتصار وبزوغ فجر الحرية والخلاص من المزايدات الديماغوجية بمنظوماتها المشروخة والفاسدة والباهتة إعلامياً وخطاباً وفكراً لا حياة فيها ولا بريق. إن حسم المعركة وتطهير روح الثورة من عفن الزيف والخداع ممن أدمنوا الغدر والخيانة ونكث العهود والمواثيق، إرادات فاسدة تبحث بتنافرها وزيفها وتناقضاتها عن مخرج، عن حل لأزماتها الذاتية، تبحث عن مثيلها (الحضن العربي) الفاسد والمتعفن وفرض خيارات الاستسلام والخنوع والعبودية والوصاية بطبيعتها المذلة والمهينة، إرادات تعودت أن تنقاد تحت أي هدف أو مخطط، المهم زعامتها وسلطتها الخاصة وعلى حساب الوطن، لم تقتنع بما وصلت إليه من مكانة وإعادة الاعتبار وإتاحة الفرصة التاريخية لتطهير ذاتها وماضيها البغيض، إرادات فاسدة تنقب عن المؤامرات كعاداتها، لا يهمها أن يبقى الوطن والإنسان تحت رحمة العدوان بلا قوة ولا سند ولا سيادة، عرضة للانتهاكات، بالطبع ليس هم من يتكلم بمنطق الدفاع عن الجمهورية ومبادئها، بالطبع ليس هم من يلتزم بمصالح الأمة والشراكة، عقليات عاجزة عن مواجهة التحولات الكبرى، وتلك العداوة المتأصلة ونزعاتها الحاقدة وتبعثرها على مصالح ضيقة وخاصة لا علاقة لها بالوطن والإنسان، وخلق أزمة أشمل وأوسع من حجمها، وتدمير وطن وأحلام أمة بأكملها، يقودون جماهيرهم إلى سلطة على قياس الأسرة، ويتصرفون بمنطق شرعية السلطة وتفويضها لهم قضاة وآباء روحيين واستراتيجيين شاملي القدرة تعطي لذاتها حق السيادة وحق الحرية في التصرف بكل مقدرات الوطن ومصيره وحق صنع القرار بدءاً من حيثياته وانتهاءً بتطبيقه، هم من اتخذ قرار العنف والقتل وإشعال الفتنة وتدمير الوطن والعودة المنكسرة إلى (الحضن العربي) وفتح صفحة جديدة مستهلكة مع العدو والتمرد على الشرعية الثورية والبديل الحضاري وطموح وآمال وأحلام الجماهير.
لا يمكن محاصرة الثورة، محاصرة إرادة الجماهير، محاصرة الحرية والرغبة الحقيقية في رفض الوصاية، من أصابه العجز واليأس والإحباط فليبق بعيداً عن طاقات بركانية وقوة شعبية تنجب رجال الرجال. 
الآن، وبعد كل تلك الزوابع الكارثية والعبث بمصالح الوطن وحقوق المواطن، لابد من العمل بقوة وحزم واستئصال الفساد من جذوره الذي لا يزال يعشش في المؤسسات والدوائر الحكومية، لن يتبرع أحد بمنحنا فرصة الخروج المجاني من أزماتنا وإحداث النقلة الثورية، بل العكس هناك قوى ومنظمات ودول مهمتها تأجيج الأزمات لإسقاط الثورة وتفكيك الجبهة الداخلية وفتح هامش عريض للالتفاف على مصالحنا، مرحلة حاسمة ومنعطف تاريخي لا يقبل الانبطاح، ومستقبل أمة بكاملها لا تبنيه الأمزجة والرغبات الذاتية السابقة، علينا أن ندرك احتياجات واقعنا، وعلى أساسه نتخذ القرارات المصيرية المرتبطة بحياة الناس ومصالح الوطن.

أترك تعليقاً

التعليقات