أمريكا شيكا بيكا
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / #لا_ميديا -

أمريكا القوة العمياء التي تدمر وتحاصر وتتخذ الكوابح المالية والعقوبات الاقتصادية، وسياسة الإخضاع، والطغيان والهيمنة التي لم يسبق لأي عصر في التاريخ السياسي والاقتصادي والعسكري أن شاهد مثلها، تجبر واستغلال، وفوضى خلاقة جعلت الشعوب تتآكل وتتقاتل في ما بينها دون رحمة أو شفقة، مستخدمة براعتها وفروسيتها، وجللت سكتها بقطار الموت السريع اللامتكاسل، كي تبدو مهيبة، ومتألقة، ومضيئة، وسط نجوم "الكاوبوي" لا سرعة إطلاق الرصاص من مسدسه على هويته فحسب، وإنما أيضاً بسرعة طمسها لكل شعاراتها البراقة، والمرفوعة بخصوص الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحرية، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وتقديم "النموذج الأمريكي" مفتاح للعبور وللولج إلى "عالم مضيء بالحرية والسلام"، غير أن مصالح "النموذج" كانت أقوى من الأحلام، وأقدر على مغالبة الوهم، حيث بدأت أمريكا تفرض هيمنتها أكثر فأكثر على أغلب الدول النفطية، والمواقع الاستراتيجية في العالم، واستغلالها لثروات الشعوب، وتأسيس نظام صارم للتعامل مع قراراتها الظالمة أو محاولة الخروج من حضيرتها وطاعتها. 
ترامب بجرة قلم وبصفقة القرن يقرر تصفية القضية الفلسطينية، ويؤكد السيادة الإسرائيلية على القدس الموحدة، وكأن القدس "ملك الوالد"، ويتصدق على الفلسطينيين بدولة منزوعة السلاح دون سيادة ولا مقاومة، ويصر على إقامة سوق مشتركة مع إسرائيل من خلال مشروع شرق أوسط جديد لخدمة الاقتصاد الإسرائيلي وبقاء الدولة الإسرائيلية القوية في المنطقة. 
حقاً من الذي أوصل العالم إلى هذا "القطب" الأحادي المليء بالإخفاقات والخيبات، وخصوصاً أن قضايا ومشاكل سياسية واقتصادية وعسكرية تجمعت وتلاحقت لتفضح هذا "القطب" ونظامه العالمي الجديد ومشاريعه الاستغلالية وتجاربه الفاشلة وسياسته وتأثيراته وانتصاراته الوهمية، لم تكن كل تلك إلا بقبول الآخر، الآخر الذي لم يكتف بالتأييد، وإنما جهز وحضر البيئة الحاضنة والملائمة لنمو الاستئثار وطغيانه.
لقد تم التحضير والتجهيز عندما قبلت دول عديدة نفطية وغير نفطية بأن تتحول إلى جيفة وأدوات قذرة للأمريكان والامبريالية، وقبلت ألا تقاوم، وألا يستأذن الأمريكان أياً من أدواته في رسم تلك السياسات المدمرة والمصير المشؤوم (لأوطانهم)، ورضيت ببقاء شعوبهم جائعة برغم الثروات، وممزقة إلى أشلاء بتأثير الحروب والفوضى الخلاقة، التي هندستها وخططت من أجلها ضباع البنتاغون.
ويقبل الجميع هذا المخطط والسيناريو الأمريكي الإمبريالي الذي يستهدف كل العرب لترتيب خارطة جديدة للمنطقة العربية، وتصفية القضية الفلسطينية على أيدي العرب (أدوات أمريكا)، بينما يرتفع سلاح الإخوة الأعداء في فلسطين لقتل بعضهم البعض، وإسرائيل ماضية في تنفيذ خطتها الرامية إلى ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية والقدس.
ويقبل الجميع العدوان على اليمن وحصاره وتجويع وقتل وتشويه مئات الآلاف من الأطفال والنساء والعجزة في ظل التواطؤ والانكفاء من دول عربية عديدة، ويصمت العالم صمت القبور إزاء خدعة قانونية ابتكرها العدوان لوضع اليمن تحت الوصاية والهيمنة الأمريكية (بجريمتها) الوحيدة هي قرارها الحر في تبني قضية الأحرار في العالم، الخروج من الحظيرة الأمريكية وامتلاك القرار السيادي، والحفاظ على ثرواتها ومواقعها الاستراتيجية. 
لم يعد الصمت ممكناً، وليس من حل للخروج من هذا المستنقع القذر سوى المقاومة الشاملة ضد هذا الطغيان الأمريكي وأدواته في المنطقة. 

أترك تعليقاً

التعليقات