الحياة مقاومة
 

طاهر علوان

طاهر علوان / لا ميديا -
في غمرة أفراح النصر السيادي بكسر الحصار الاقتصادي الإمبريالي الرجعي المفروض على لبنان، وأيضاً على إيران، واتخاذ حزب الله القرار السيادي باستيراد النفط من إيران الوفاء والحصن المنيع والقوي لكل مقاومة شريفة وإنسانية والداعم الاقتصادي والعسكري والسياسي للشعوب المستضعفة والمناضلة ضد الهيمنة الأمريكية، وبوصول القوافل النفطية إلى لبنان وإنقاذ الشعب اللبناني من الجوع والمرض والظلام، كل ذلك يعتبر نصراً لمشروع المقاومة ونصراً للحياة الإنسانية الكريمة وتأمين حاجات لبنان من الوقود الأساسية والضرورية لحياة اللبنانيين.
قوافل المحروقات الإيرانية تدخل لبنان عبر سورية الصامدة والمناضلة بعد حملة تشكيك داخلية وخارجية. هناك قوى تبتذل مأساة وطن بلغ الالتباس فيه حداً غير معقول، لا بل يصعب التعايش معه ولم يعد بالإمكان السكوت عن حالة الانهيار والاحتضار، عن حالة وطن يتمزق ويعاني من داء الإفراط في استبعاد مستقبله من دائرة الوعي ومن انغلاق حقل الرؤية الاستراتيجية ومن قوى سياسية منظمة تابعة لمخططات وتوجهات خارجية تهلل للمشروع الأمريكي.
وما حصل بالأمس من اعتداء على المتظاهرين السلميين وسفك دمائهم من قبل القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع هي حلقة من حلقات المخطط الأمريكي والفتنة المتنقلة التي تديرها السفارة الأمريكية في بيروت لاستدراج حزب الله والمقاومة اللبنانية إلى مواجهات داخلية وحرب أهلية لإعادة ترتيب الإقليم بعد فشلها في المواجهات العسكرية، واستطاع حزب الله بصبره وقوته التي هزمت أقوى الجيوش التي لا تقهر أن يتحمل ويتخذ القرار الشجاع الحكيم لمصلحة الشعب اللبناني ومن أجل تأمين العيش المشترك والمصير المشترك الدائم والعادل لجميع الطوائف والكتل السياسية، لذلك حرص حزب الله على معرفة أدق تفاصيل الخطة الأمريكية كي لا يقع في فخ الفتنة والمواجهات الداخلية والحرب الأهلية، وإخراج لبنان من المشاريع الصغيرة والتشرذم والارتهان لمشاريع دويلات الطائفية والمذهبية وعدم مواجهة قوى سياسية مهترئة لا تبقي آذانها وعيونها مفتوحة إلا على ممرات السلطة المتشعبة، تسفه كل محتوى جوهري وطني وشريف ومستقل عن المشروع الامبريالي بمفردات منتقاة لإثارة الغرائز المذهبية، وخطب مليئة بجمل صدامية مشحوذة جيداً تباشر عملها بشكل يومي ومستجيبة للمعايير والمقاييس والخطط والأهداف الغربية والإقليمية الرجعية، قوى تستهين بذاتها، تستهين بكرامة شعبها وقوة لبنان ومواقف ودور لبنان الذي لم يعد العضو الأضعف (ولعل قوته في ضعفه في الصراع الدولي والإقليمي).
لبنان صار الأقوى بقوة حزب الله ومواقفه الوطنية والقومية والأممية وخططه وأهدافه الإنسانية وإرادته القوية الحاسمة في البقاء منتصراً نابضاً بالعزة والكرامة والحيوية والعطاء الإنساني والرافض والمتحدي والواعي لكل مخططات الغرب و"إسرائيل" وأدواتهم: السعودية والدول الكرتونية الخليجية، رافضاً التخلي عن كرامة لبنان ودوره في محور المقاومة المصيرية.
حزب الله هدفه الاستراتيجي الدائم مد جسور للحياة والسيادة وكرامة الوطن والمواطن، بينما محور الغرب الإمبريالي بشهيته الفاسدة والهائلة إلى التراجع والتطبيع وإلى الأنانية السياسية التي تستبد بهم وإلى الصمم ورفض الاستماع إلى آلام وأوجاع اللبنانيين وتقبل الإذلال والتشرذم والتقسيم الطائفي والمذهبي. مشروعهم يتناغم كلياً مع المشروع الغربي الاستعماري المنطلق من التقسيمات الطائفية الانتقائية والديمقراطية الغربية الزائفة التي تعني مهاجمة مكشوفة لإجهاض المقاومة والإصلاح الوطني واستقلالية القرار السيادي. مشروعهم وديمقراطيتهم يلازمها الإقصاء والتهميش ويقودها البؤس، وهي فاقدة الثقة في مستقبلها، وكم ظهرت صغيرة تلك القوى؟! وكم كان الجرح عميقاً حتى العظم؟!

أترك تعليقاً

التعليقات