إرادة شعب ومشيئة أمة
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

ثورة 21 أيلول حدث تاريخي عظيم بكل المقاييس الثورية، والوطنية والإنسانية، ولادة حقيقية لثورة جاءت لتحقق حلم شعبنا وتزرع الأمل المتوهج في أعماقنا، والفرح الذي نحلم به بعد طول انتظار، ثورة أيلول مشيئة شعبية فرضت، وإرادة كان لها أن تنتصر بعد معاناة وعذابات المخاض الطويل ارتفعت راية الثورة على أنقاض ظلام الأمس وظلم ولاته، وتوارث السلطة كأنها تركة تتقاسمها الأسر وحدها أو تنفرد بها جماعة كأنها إقطاعيات. 
ثورة أيلول فعلٌ متوقد من عطاءات الإنسان الصاعد من جحيم المعاناة، والانكسارات، والإخفاقات، ومخاطر الضياع، والضم، والإلحاق والاستلاب، ثورة حطمت كل محاولات التصدي لإرادتها وحق إنسانها في صياغة مستقبله وفق ما يحقق أحلامه وآماله في الحياة الكريمة، وإصراره على تجاوز كل العقبات وأعباء ومشاق السعي في اتجاه النصر، وبناء حاضره صلباً تترسخ عليه أعمدة بناء الغد الأمل، والحلم، والهدف.
ثورة أعلنت منذ اللحظات الأولى شعارها، ومشروعها، وقرارها (السلم والشراكة) لم تقتل أو تُعدم أو تخطف أو تذبح أحداً بالرغم من أنها تحمل الجعب المليئة بالوقائع المأساوية عن فصول الحروب الـ6 من ألفها إلى يائها، فضلاً عن أسرار كل الذين تاجروا بالأرض وبلقمة عيش الفقراء وبدموع الثكالى والأرامل، ولادة شرعية لثورة وحيدة في الجزيرة العربية ضد التيار الرجعي المتخلف والمنغلق، ومحاولتها الجادة السير في الطريق الديمقراطي، وجعل الديمقراطية نظاماً في الحكم، لذلك أصبحت ثورة أيلول مزعجة، ومشاكسة في المنطقة، لأنها تقدم نموذجاً مختلفاً وأسلوباً مغايراً في الحكم، وتؤسس لقيم جديدة تخنق كافة ظواهر السلب ومظاهر التخلف مادياً وروحياً، لذلك تكالبت عليها قوى الضلال والباطل، قوى الشر والعدوان، لكونها مثل كل الثورات الإنسانية والتاريخية، ضد الظلم والعدوان، ضد الهيمنة والاستكبار والبغي، تنشد العدالة، والحرية، وتحقق طموحات، و أحلاماً وأهدافاً، وغايات إنسانية وتحررية؛ وتنسج واقعاً جديداً لتجسد فيه أسباب الرخاء والازدهار، وعطاء ينتج من خيراته المادية ما يكفل حياة الاكتفاء والسعادة والقوة التي لا تقهر، تاريخنا حروف ينقشها الشهداء على تراب الوطن بالرمق الأخير وفي اللحظة التاريخية الخالدة بين الاستشهاد والنصر، بين الحياة والحياة.
ثورة أشرقت ناصعة بعد أن ظلت حلماً يتحقق في وجدان شعبنا، ثورة قادرة على العطاء ومد فيض الخير والسلام للإنسانية جمعاء بالرغم من عواصف القتل والحصار والدمار والخراب التي ضربت جميع مقومات الحياة، وشملت بعباءتها السوداء جميع المدن اليمنية، بالرغم من ذلك لدينا المؤهلات المطلوبة للنهوض، وبناء الدولة المدنية العصرية الحديثة، دولة المؤسسات والقانون، وصياغة إشراقات يومنا وغدنا، وكنس كل الشوائب التي رافقت مسيراتنا.
تلك ثورة تستحق الوفاء لتغييرها واقعاً غير منسجم مع ما تفرضه معطيات العصر الذي لم يعد فيه متسع لغير الحق والمساواة والعدالة وسيادة الشعوب وسلطتها دون وصاية. والتحية لذلك الشعب العظيم الذي يستحق أن تدافع عنه كل شعوب العالم وهو يقاوم الظلم والحصار والتعسف والاستبداد، ويطلق صرخته المدافعة عن الإنسان الذي لا يريد أن يُسلب، أو يُخضع أو ينقاد، شعب لديه الاستعداد للموت والتضحية لفكرة وطن ليست مشروطة هويته بمصالح أية فئة مهما بلغ حجمها وضجيجها وتعصبها، وطن لا يتأرجح فيه المصير بين الإقطاع والوصاية وتجار الموت.

أترك تعليقاً

التعليقات