التنافس على العمالة
 

طاهر علوان

من مخرجات قمة الرياض المشؤومة، وبضوء أخضر أمريكي، ولأهداف أمريكية، تمارس مملكة الشر والعدوان السعودية عملية ابتزاز جديدة سياسية واقتصادية وإعلامية وأخلاقية ضد قطر حليفتها في ممارسة الإرهاب والانحطاط، تلك البلطجة السياسية والابتزاز الاقتصادي من شأنها أن تفجر الروابط الخليجية ووسط أجواء تآمرية واختلال التوازنات العربية بالترتيبات العدائية والقمم المشؤومة لصالح أمريكا ومشروعها في تقسيم الأمة العربية إلى دويلات دينية وقومية، وإعادة رسم خارطة المنطقة سياسياً واقتصادياً وجغرافياً لإقامة (نظام الأمن الإقليمي) ومشروع (الشرق الأوسط الجديد)، وخلق عدو وهمي، والتطبيع مع العدو الحقيقي (إسرائيل).
برزت على المسرح السياسي الخليجي الحرب الإعلامية والاقتصادية المفتعلة بين قطر والتحالف السعودي، ولأن المعركة في بدايتها، والوسائل المستخدمة فيها غير واضحة بالكامل حتى الآن، وبانتظار تطورات جديدة، تبقى الأمور مفتوحة على مختلف الاحتمالات، هل القصد إخضاع قطر وكسر شوكتها، وتحطيم غرورها بعملية ابتزاز وقرصنة تجبرها على النزول من الشجرة العالية التي صعدت إليها بثورات الربيع العربي، بالحملات الإعلامية والاتهامات الخطيرة لقطر فقط بتمويل الإرهاب؟ أليس في ذلك مفارقة تستدعي العجب وتستثير الذهول والمرارة؟ فالمؤكد والمعروف للعالم أجمع أن الإرهاب صناعة أمريكية وتمويل سعودي، ومنذ خطواتها الأولى في حرب أفغانستان باعتبارها حرباً غير مقتصرة على أفغانستان، وإنما مشروع أكبر لم تحاول أمريكا إخفاءه، وإن أبقت غموضاً في البداية من أجل تمرير الخطوة الأولى، وبعد ذلك لكل محطة حيثياتها، ولكل حرب مجرياتها، بدأت الحرب الأفغانية وفق تخطيط وأهداف أمريكية، وبتجييش وتمويل ومشاركة فعلية سعودية، لمحاربة الأفكار المناهضة لأمريكا وكل من يخالف مشروعها في نهب ثروات العالم العربي واتهامه بالإرهاب، فأمريكا افتتحت بحربها الجديدة سياسة أكثر جدة، وأرست تقليداً يقوم على إسقاط الأنظمة بطريقة علنية، وليس عبر المؤامرات السرية والمخابرات الأمريكية والانقلابات العسكرية، لخلق مناخ يستطيع النظام الأمريكي أن يبقى ويزدهر في ظله على أساس القوة الأمريكية المتفوقة.
اختلاق الصراع بين السعودية وقطر جزء من المخطط الأمريكي المزدوج في التعامل، وذلك بغرض ابتزازهما وتقسيم الخليج وإضعاف كل قوة عربية، والسعودية ضمن المخطط بالرغم من ثقتها بثرواتها وقوة نفوذها ومركزها القيادي في العمالة، ولن تتنازل عنه لقطر ولا لغيرها، لأسباب تتعلق بتوجهات أمريكا ومصالحها، وخاصة بعد قمة الرياض المدججة بصفقات المليارات.
السعودية مدججة بقوة الثروة والنفوذ والسفالة والانحطاط والخضوع الكامل لابتزاز ترامب، ومنع أي تحدٍّ أو منافسة لها أو حتى مجرد الطموح إلى دور وحجم أكبر كما فعلت قطر، وهذا ما تريده أمريكا لقيادة أدواتها في المنطقة.
محاولة قطر استعراض القوة، والذكاء، والتناقض في خلق علاقات واتفاقيات دفاعية مشتركة مع إيران (المصنفة عدواً) لن تسمح به أمريكا بأية حال من الأحوال.
الوضع الحالي يشكل جزءاً متكاملاً من شروط تدهور مجلس التعاون الخليجي، وانهيار التحالفات الإرهابية القائمة ضد الشعوب العربية، وأيضاً يشكل مخزوناً هائلاً للانفجارات الاجتماعية والانتفاضات الشعبية، ولا يستطيع أحد التنبؤ باتجاهها أو نتائجها.
العزلة المتزايدة بين الدول الخليجية والصراعات المدمرة لن تعوضها السعودية بمغالطات جديدة وتزعمها لتحالفات وقمم وهمية تفتقر للشروط الموضوعية لانتهاج سياسة موحدة جامعة لكل دول الخليج.
النظام السعودي وجوده مناقض لمواصفات وشروط التوحيد، ويحمل في أحشائه وأفكاره ومبادئه وفلسفته جرثومة التسلط والاستبداد والحروب الطائفية والمذهبية والمناطقية، وأشد ضعفاً من أن يتمكن من توحيد (دول) الخليج المتنافرة.

أترك تعليقاً

التعليقات