طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا - 

إعلان ما يسمى المجلس الانتقالي إقامة الحكم الذاتي وحالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها، ونشر دوريات عسكرية في شوارع عدن وأزقتها، وفرض السيطرة التامة على جميع المؤسسات الحكومية التابعة للفار عبدربه، خطوات أسقطت ما يسمى "اتفاق الرياض" وتحالف العدوان. والحقيقة أن ما يسمى المجلس الانتقالي كان القوة الحقيقية المسيطرة على الأرض عسكرياً وأمنياً في عدن قبل الإعلان، وبإعلانه الحكم الذاتي وحالة الطوارئ كرس سيطرته الإدارية الكاملة على جميع المؤسسات، خطوات تعتبر هروباً من الواقع باعتماد أحلام كبيرة فضفاضة والتي سرعان ما تعود الحقائق لتصدمها، خطوات تهدد بتجديد الصراع بين طرفين يفترض أنهما حليفان في مشروع واحد، هو العدوان الكوني على الوطن.
الصراع الدموي بين المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات ومجموعة الدنبوع عبدربه المدعومة من السعودية، صراع عبثي يهدد استقرار الوطن ويرمي به في بحر عاصف من التعصب واليأس في وقت تحاول الأمم المتحدة إعلان هدنة دائمة لمكافحة فيروس كورونا، وها هي الآلة المدرعة والقوات المدججة بمختلف أنواع الأسلحة تسير متباهية في شوارع عدن وأزقتها وتقوم بمهماتها على أكمل وجه في خدمة العدوان، وتفرض سلطتها على الجميع وتحبط كل تفاؤل وتنفذ مشروعاً على قياس مخططات الاستعمار القديم والحديث.
تلك الأحداث والوقائع والمظاهر المسلحة العبثية والتي تحاك بعناية ليست أزمة خاصة طارئة وعابرة، إنها ضمن مخططات واستراتيجيات أوسع شمولاً، وأشد فتكاً، وحلقة من حلقات تفتيت اليمن وتدمير وحدته وزعزعة استقراره وتمزيق اللحمة الوطنية ودعم مخططات العدوان الكوني الاستعماري بشكل عام، وحالة إضافية من العدوان تمارس دورها في التدمير العنيف للمجتمع اليمني كنوع من إفناء الوجود الوحدوي، ما برح الاستعمار بكل أشكاله يعمل منذ قرون عبر مشاريعه الجاهزة لإصابة الوطن ووحدته بضربات الزوال التدريجي وباستبدال جهنمي لمشروع الوحدة والعمل على تقسيم الجنوب الحبيب إلى سلطنات ونظام العبودية الذي كان سائداً تحت الاحتلال البريطاني، والمحاولات مستمرة ومستميتة في تمزيق اليمن إلى دويلات وسلطنات ومشيخات بواسطة تلك الفئات الضالة، وبسلاح الاستقواء بالخارج وبمنظومة القتل والدمار والتفتيت، وسياسة الفتك الحر، وأسواق النخاسة وتحالفات مافيات هذا العالم الوضيع، مؤامرات ضحت بخيرة شباب اليمن بدلاً من التضحية بديناصوراتها، وجعلت "الانتقالي" المدعوم من الاحتلال الإماراتي يتحكم بزمام الأمور في الجنوب الحبيب عقب قتال شرس شهدته عدن العام الماضي بين قوات حلفاء العدوان، اختيار "الانتقالي" ودعمه وتمكينه من الحكم في الجنوب لكونه الحلقة الأضعف في سلسلة السقوط في الهاوية.
مجموعات مرتزقة السعودية ومجموعات مرتزقة الإمارات هي العناصر الجزئية المكونة (للمؤامرة الأم)، مؤامرة لن تعفي أحداً من جرائمها، لن ترحم، ولن تستكين، تواجههم جميعاً من الأطفال الرضع إلى الشيوخ، حيث لا يعود هناك حياة إلا حياة الاختباء، وتصبح رؤية الدمار رسالة تختلط فيها كل المفردات من الحياة إلى الموت من الحاضر إلى المستقبل، محاولات شد الوطن عن مداره الثوري الوحدوي.
ومن يقبل بتلك المهازل العبثية هو متواطئ، ومن يصمت أو يقف على حياد إزاء المخاطر التي تهدد وطنه وأمنه مثله مثل المروج لها، فالاختراقات والانتهاكات والجرائم البشعة واستمرار العدوان ذاته لم يكن إلَّا بهذا الالتزام المزدوج (الصمت والترويج).

أترك تعليقاً

التعليقات