الطيب من القول
 

طه أبكر

الشيخ طه أبكر / لا ميديا -
"وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ" (الآية 24 من سورة الحج).
إن هذه الكلمة من كلمات الله سبحانه وتعالى تخبرنا خبرا عظيما.
وهذا الخبر كما هو واضح فيها أن من هداية الله سبحانه وتعالى لعباده الهداية إلى الطيب من القول، كما أن هناك هداية إلى صراط الله العزيز الحميد.
وتتضح لنا الصورة بدقة عالية حين نسمع ما روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله كما روى أحمد في مسنده وابن سعد في الطبقات والبخاري في تاريخه عن أبي حميد وأبي أسيد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه".
فهذا الحديث من جانب يكشف لنا كيفية الهداية إلى الطيب من القول، وهو من جانب آخر يبين لنا عن طريق من الطرق التثبت مما نُقل وروي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله من الأحاديث، وهذا الحديث عظيم فهو من أعظم ما روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله، إذ إن فيه عصمة من تصديق الأحاديث المكذوبة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله.
وإن النبي لم يقل هذا القول إن صح عنه إلا حين علم كما روي عنه أنه سيُكذب عليه، فأخبر بهذه الطريق التي سيسلكها العدول من الخلف بعد زمن النبوة فيما نقل إليهم أسلافهم من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله والتي سيقومون من خلالها بتنقية العلم النبوي من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين.
ولن يستطيع أن يقوم بتلك المهمة إلا الذين هداهم الله سبحانه وتعالى إلى الطيب من القول وإلى صراط الحميد، وهم الذين ذكرهم في سياق الحديث، فقال عز من قائل حكيم: "إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ(24) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْـمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْـمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)" (سورة الحج).
فأولئك المهديون إلى الطيب من القول هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهم المهديون إلى صراط الحميد.
وأولئك هم المقصودون بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله: "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه".
فمن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات صح له أن يكون من الذين يمحصون المرويات. وأما من لم يكن من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فليس له التصدر في تلك المهام والاقتحام في ذلك الميدان، لأنه ليس من المهديين إلى الطيب من القول وإلى الصراط المستقيم.

أترك تعليقاً

التعليقات